النتائج الرسمية والنهائية للانتخابات التشريعية في العراق والتي أجريت في 12 مايو أكدت فوز تحالف «سائرون»، الذي يتزعمه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالمرتبة الأولى حاصداً 54 مقعداً من أصل 329 في البرلمان. ومن ثم تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري، الذي يضم فصائل "الحشد الشعبي"، والمدعوم من إيران حاصداً 47 مقعداً، أما «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، فقد حلّ ثالثاً ب42 مقعداً. بينما حصد «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي 26 مقعداً، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة الرئيس السابق لإقليم كردستان مسعود برزاني 25 مقعداً، و«ائتلاف الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس الجمهورية الحالي إياد علاوي على 21 مقعداً، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم حصل على 19 مقعداً. وحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي كان يتزعمه الرئيس العرقي الراحل جلال الطالباني، حصل على 18 مقعداً، كما حصد تحالف القرار العراقي بزعامة السياسي السُني البارز أسامة النجيفي 11 مقعداً. لكن ماذا تعني نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية على مستقبل العراق؟ ما هي الانعكاسات المستقبلية للنتائج على العلاقة مع طهران، وعلى واشنطن ودول الجوار العربية؟ عكست نتائج الانتخابات حالة الانكسار والتشظي التي تعرضت لها الأحزاب السياسية شيعية وسُنية وكردية، فتشظت الأصوات والمقاعد التي حصدتها الأحزاب، ولكن ومن الواضح للمتتبع للشأن العراقي بأن نتائج الانتخابات الحالية لن تقلب المعادلات السياسية، ولا مستوى الفرز الطائفي، ولن تنجح في التحول عن نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب السياسية «رئاسة الوزراء، رئاسة الجمهورية، رئاسة البرلمان» فالأحزاب لن تستطيع أن تشكل حكومة منفردة، الصفقات ما بعد الانتخابات لها الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة. تشير النتائج إلى تقدم تحالف «سائرون» الذي يجمع «الصدر» والحزب الشيوعي وبعض الأحزاب العلمانية، التي تسعى لتكوين دولة مدنية بعيداً عن المحاصصة السياسية السائدة ومشروع الإصلاح السياسي الذي يطرحه تيار «الصدر» مدعوم من المرجعية الشيعية في النجف وكان المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، آية الله علي السيستاني قد دعا العراقيين في خطبة الجمعة السابقة للانتخابات إلى عدم التصويت لمن سماهم السياسيين «الفاشلين والفاسدين»، «لاسيما من كان منهم في موقع المسؤولية في الدورات السابقة»، وذلك في تدخل نادر بالسياسة منه قبيل الانتخابات، موضحاً في الوقت ذاته بأنه يقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في الانتخابات النيابية وعدم مساندته لأي شخص. وقد ظهرت بوادر تحالف مع تيار «الحكمة» بقيادة عمار الحكيم لتشكيل الحكومة العراقية. حزب «الدعوة» الذي لم يشارك في الانتخابات حسب ما أعلن مسبقاً فقد فاز عنه «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي و«ائتلاف دولة القانون» برئاسة المالكي، ولا يُستبعد أن ينضم إليهما تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري، المدعوم من إيران أي ما مجموعة 115 مقعداً، وبذلك يمكن أن يضمن للعبادي ولاية ثانية ولكن «عسيرة». ما المتوقع؟ ستبقى رئاسة الوزراء «شيعية» هذه هي الحقيقة المؤكدة، قد يحظى العبادي بفترة رئاسية ثانية فهو يحظى بقبول دولي وإقليمي وفي الوقت نفسه، يستند داخلياً على رصيد نجاحاته في هزيمة تنظيم «داعش» وتركيز برنامجه الانتخابي على محاربة الفساد ووحدة العراق. أما إذا نجح التيار الصدري في جمع التحالفات المناسبة، فلن يرضى بديلا عن اختيار رئيس الوزراء من قائمته، وقد أعلن «الصدر» مسبقاً أنه يؤيد محافظ «ميسان» السابق «على داوي» مما يعني وجهاً سياسياً جديداً لرئاسة الحكومة العراقية بدعم من التيار الصدري وتحالفاته المحلية والإقليمية. تمضي العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 في نفق مظلم رغم مشاركة 11 مليون ناخب من مجموع الناخبين المقدر ب24 مليون أي نسبة 44.5 الحالمين بالتغيير، ولكن الضعف دليل على حالة اليأس السياسي للشعب العراقي، فخيوط اللعبة السياسية مازالت «طائفية» رغم الشعارات الانتخابية لبعض الأحزاب «العابرة للطائفية»، فالأحزاب تحشد كل ما يمكن من طاقات المذهب لصالح كسب أصوات أتباعه، شيعة كانوا أم سُنة، ومن ثم تتحدث عن دولة وطنية نقولها تفاؤلاً، لا جديد تحت شمس العراق.