في يوم الاثنين الماضي، اجتمعت إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر وغيرهما من الوجوه البارزة في اليمين الأميركي في إسرائيل للاحتفال بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وهي لفتة ينظر إليها باعتبارها صفعة في وجه الفلسطينيين الذين يتخيلون القدس عاصمة مستقبلية لدولتهم. كان الحدث تتويجاً للتحالف بين اليهود المتشددين والإنجيليين الصهاينة الذين يؤمنون بأن عودة اليهود إلى إسرائيل تبشر بعودة المسيح. وقد تم اختيار «روبرت جيفرس»، راعي كنيسة دالاس وصاحب الأفكار الدينية المثيرة للجدل، لتأدية صلاة الافتتاح في الحفل، أما «جون هاجي»، أحد أشهر الواعظين في أميركا، فأعطى الحفل «البركة الختامية». وتزامن ذلك المشهد الموجه نحو قاعدة دونالد ترامب الأميركية المسيحية، مع مذبحة على بعد 40 ميلاً. فمنذ 30 مارس، قامت احتجاجات واسعة النطاق عند السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، حيث يطالب اللاجئون الفلسطينيون الذين يواجهون أزمة إنسانية متصاعدة هناك، بحق العودة إلى ديارهم في أراضي عام 1948، حيث أجبرت أسرهم على الرحيل عند إقامة إسرائيل. كانت المظاهرة سلمية، لكن الجيش الإسرائيلي رد عليها بإطلاق الرصاص الحي. وفي مجزرة الاثنين قتل ما لا يقل عن 58 فلسطينياً وأصيب الآلاف. إن التباين بين صور القتلى والجرحى الفلسطينيين وابتسامات المحتفلين في القدس، ينم عن الكثير بشأن علاقة أميركا بإسرائيل حالياً. فلم تكن هذه العلاقة أقرب قبل الآن، لكن في طيات هذا القرب توجد جذور القطيعة المحتملة. سيقول المدافعون عن تصرفات إسرائيل في غزة إنه لن يوجد بلد يسمح بالهجوم على حدوده. وسيقولون إنه حتى لو لم تكن «حماس» هي التي دعت إلى المظاهرات، فإنها تدعمها. وفي هذا الصدد، قال «راج شاه»، متحدث باسم البيت الأبيض «إن المسؤولية عن هذه الوفيات المأساوية تقع على عاتق حماس». لكن حتى لو كنت ترفض تماماً الحق الفلسطيني في العودة، فمن الصعب التماس العذر للعنف غير المتناسب من جانب الجيش الإسرائيلي. وقد أدانت معظم دول العالم عمليات القتل في غزة. ورغم ذلك أعطت الولايات المتحدة، وهي أهم راع لإسرائيل، تل أبيبَ حريةَ التصرف فيما تفعله بالفلسطينيين. والواقع أنه من خلال نقل السفارة إلى القدس في المقام الأول، بعث ترامب برسالة ضمنية مفادها أن الحكومة الأميركية قد تخلت عن ادعاء الحياد. وهناك الكثير من الأخبار عن امتنان إسرائيل لترامب؛ فقد تمت تسمية ساحة بالقرب من السفارة باسمه تكريماً له، أما فريق «بيتار القدس»، الذي تشتهر جماهيره بعنصريتها، فيطلق على نفسه اسم بيتار «ترامب» القدس. لكن إذا كان الإسرائيليون يحبون ترامب، فإن العديد من الأميركيين، ومنهم يهود، قد لا يحبونه. وكلما زاد التشابك بين الترامبية وإسرائيل، ازداد الأميركيون من ذوي الميول اليسارية. وحتى قبل ترامب، ساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إحداث انقسام حزبي بشأن إسرائيل في السياسة الأميركية، حيث كان هناك من قبل إجماع للآراء. يقول «جيرمي بن عامي»، رئيس حزب «جي ستريت» الليبرالي: «حتى السنوات القليلة الماضية، لم تكن تسمع إطلاقاً كلمة (احتلال) أو (مستوطنات) أو حديث عن القدس.. لكن منذ 2015، عندما حاول نتنياهو تقويض باراك أوباما بخطاب مثير للجدل في الكونجرس، معارضاً الاتفاق النووي الإيراني، شعر الديمقراطيون بمزيد من الجرأة، مما غيّر الحسابات إلى الأبد». ميشيل جولدبيرج *كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»