منذ الهجوم الأميركي الواسع على سياسة الصين الأفريقية أثناء زيارة «ريكس تيلرسون» وزير الخارجية الأميركي السابق لبعض دول القارة في مارس 2018، لم تهدأ الكتابات الأميركية عن العلاقات الأفريقية الصينية ومستقبلها. وقد صدر هذا التحدي الأميركي شبه الرسمي بانطلاق تصريحات «تيلرسون» عن «القروض الصينية الوحشية»، التي تعرقل النمو في أفريقيا، ولا توفر فرص العمل، وتنزح الإنتاج الزراعي الأفريقي لتغذية الصين. وقد أطلق هذا جدلاً أميركياً لافتاً في بعض صحفها الكبرى ضد خطأ المفاهيم الأميركية حول العولمة والاستعمار، والوطنية و...الخ. وقد اعتمد الرد الإعلامي الأميركي على «تيلرسون» لسوء فهمه للعلاقات الدولية، وحقائق حركة الصين في القارة، مما جعل البعض يتصور أن موقف «تيلرسون» في مثل هذه الرحلة كان واحداً من أسباب خروجه من إدارة الرئيس «ترامب». بدا «تيلرسون» إذن غير متفهم لطبيعة رسائل «ترامب» نفسه عن الوطنية الاقتصادية، رغم تصريحاته المعادية للدول الأفريقية، بل والعربية في ظل فكرة تحمل كلَّ شروط التنمية ورد الديون بالخدمات السياسية والاقتصادية، وأن استثمار الولايات المتحدة لأكثر من تسعين مليار دولار في الصين مقابل أكثر من 53 مليار من الصين في الولايات المتحدة، لا يفهم على أنه استعمار، أو كما كتب بعض الأميركيين عن «الإمبريالية الصينية الجديدة»، والاستعمار الصيني، كأننا ما زلنا في أعقاب الحرب العالمية، بينما هي طبيعة الاقتصاد العالمي الآن. أما حديث «تيلرسون» عن استنزاف الصين لأفريقيا، وخاصة في المجال الزراعي، فلا يجوز، لأن تاريخ الاستعمار الغربي في هذا المجال يتفوق على كل ما يحدث الآن في مجال التبادل التجاري والخبرات. وكان أصدقاء «تيلرسون» من الكتّاب قد تحدثوا عن تجارب الصين في الزراعة السودانية، والكونغولية كنماذج للاستغلال، وأن العلاقات في مثال جنوب أفريقيا والصين، توحي بكثير من مشكلات التجارة الصينية العالمية والإقليمية، لكن كثيرون يرون ذلك نزاعاً تقليدياً في مجال حماية الأسواق الوطنية على نحو ما يفعل الرئيس «ترامب»، أو يصيغ سياسته الحمائية على النحو نفسه. هنا يمكن للباحث أن يرجع لكتابات أفريقية مهمة في مجال تحليل العلاقات الصينية- الأفريقية بما يحمل ردوداً مبكرة على المعالجة الأميركية، أتمنى أن يطلع عليها الباحث العربي والأفريقي على السواء، لأن تقييم سياسات الصين مع أميركا بالغ الصعوبة تجاه بعضهما البعض وتجاه العالم. وتتوفر بعض العناوين الأفريقية المهمة من مراكز متخصصة لمست من علاقتي ببعضها عمق التفكير الأفريقي في هذا الشأن. ويعتبر مفكر أفريقي كبير مثل «كويسى براه» ( غاني في جنوب أفريقيا) ورئيس مركز ‏CASAS ?للدراسات ?المتقدمة ?عن ?أفريقيا ، ?وعلاقاته ?قوية ?بالأكاديميات ?الصينية ?والغربية ?على ?السواء، ?مثالاً ?لهذا ?الجهد ?المكثف ?حول «?العلاقات ?الأفرو-صينية» ?الصادر ?عن ?مركزه ?2007 ?، ?يعتبر ?تنبؤاً ?مبكراً ?أيضاً ?عن ?مستقبل ?هذه ?العلاقات، ?وطبيعة ?التنافس ?الصيني ?الدولي وأثره . .وضمن ?ما ?يتضمنه ?الكتاب ?من ?دراسات ?لعدد ?من ?المفكرين ?الأفارقة ?والصينيين، ?يقدم «?براه» ?قضايا ?أساسية ?مثل ?ضرورة ?فهم ?عمق ?السلوك ?الصيني ?في ?كل ?مرحلة ?من ?مراحل ?تطورها، ?كعمق ?أيديولوجي ?وسياسي، ?في ?أولها ?وعمق ?السياسة ?الاقتصادية ?الوطنية ?الصينية ( ?البراجماتية) ?في ?منتصف ?الطريق، ?إلى ?عمق ?عولمة ?الاقتصاد ?في ?العالم ?مؤخراً، ?ودخول ?الصين ?بآليات ?المنافسة ?الاقتصادية ?تجارياً، ?وبمشروعات ?الاستثمارات ?الكبرى ?ثانية?، ?والتي ?بات ?بعضها ?يلف ?العالم (?الحزام ?والطريق)، ?ثم ?يرى «?براه» ?أن ?إنقاذ ?أفريقيا ?من ?أي ?اتجاه ?صيني ?للهيمنة ?، ?لابد ?أن ?يلتزم ?طريق ?التنمية ?المستقلة ?الوطنية ?عبر ?اللغة ?الوطنية، ?ومحو ?أمية ?الجماهير، ?والانتقال ?الذاتي ?بذلك ?نحو ?الحداثة، ?بتحفظ- ?في ?رأيه- ?على ?"برادايم" ?أو ?مقولة ?التنمية ?على ?النمط ?الغربي. باحث آخر – مع "براه"- مثل المفكر الراحل «دان نابوديري» ( أوغندي) يرى أن حسابات العلاقات على أساس ثنائي لم تعد مجدية إزاء الاقتصاد المعولم، مشيراً إلى كتابات صينية عن نمو مشروعات «الوفاق الصيني»، وصناديقه لمساعدة شعوب العالم الثالث أمام «وفاق واشنطن» وهيئاته العالمية الإمبريالية. يطالب آخرون المشرفين على السياسات الوطنية في أفريقيا وغيرها بضرورة الانتقال من إطار شمال / جنوب، إلى ما تساعده الصين من التوسع في بناء إطار جنوب / جنوب (صندوق بريكس )، على أساس ‏Win-Win ?وليس ?وفق ?السياسات ?الاستعمارية ?السائدة ?في ?دول ?الشمال. ومع ذلك يرصد بعض الباحثين - مع «براه» أيضاً عدداً من السياسات والمشروعات الصينية السلبية، بعض الكتاب الأفارقة يتصدون بشجاعة للأخطاء الصينية في القارة السمراء، حول نظام العمالة وتسليم المشروعات الأفريقية كاملة تماماً دون تعاون محلي، ومشاركة الغرب في استنزاف الثروة المعدنية الأفريقية (البترول – الذهب) فضلا ًعن الموقف في مشاكل البيئة المعروفة. يُكمل باحثون آخرون، وفي مراكز أخرى رحلة الدراسات الأفريقية حول الصين مثلما يتضمن كتاب «فانتو شيرو ‏Fantu Cheru ?، ?وسيريل ?أوبىC.? ?Obi? ?، ?عن ?أثر ?النهوض ?الصيني ?والهندي ?في ?أفريقيا ?كعنصر ?معاون ?للاستقلالية . ?أما "فيروز ?مانجي"– ?كينيا – ?فإنه ?يعرض ?مع ?زملائه – ?في ?موقع ?"بمبازوكا"، ?حجم ?المخاوف ?الأفريقية ?، ?والمواجهة ?الأفريقية ?الاستقلالية ?لها، ?وذلك ?في ?عمل ?ثقافي ?مفيد ?أيضاً بعنوان "آفاق ?أفريقية ?للصين ?في ?أفريقيا".