مفاوض الشرق الأوسط المخضرم «دينيس روس» كان من منتقدي «خطة العمل الشاملة المشتركة»، المعروفة أيضاً بالاتفاق النووي الإيراني، وقد أقر بالحاجة إلى دعم وتقوية البنود الخاصة بعمليات التفتيش وكذلك البنود المتعلقة بعمر الاتفاق. ولكن ما يراه الآن – على غرار العديد من الأصوات ذات الخبرة (بعضها عارض الاتفاق وبعضها لم يفعل) - هو شيء يمكن القول إنه أسوأ من الاتفاق النووي الإيراني. فبدلاً من تعاون وعمل الولايات المتحدة وشركائها معاً للضغط على إيران، يرى روس «خطراً وإمكانية حقيقية جداً لعدم امتلاك الولايات المتحدة لشركاء ينضمون إليها في الضغط على الإيرانيين على نحو يمكن أن يغيّر سلوكهم ويعيدهم إلى طاولة المفاوضات من أجل معالجة المشاكل التي يريد ترامب معالجتها». يبدو ذلك هو واقع الحال قطعاً في وقت نرى فيه الاتحاد الأوروبي الآن يسارع إلى حماية إيران من العقوبات الأميركية. وبدلاً من زيادة الضغط على إيران وجعلها تقوم بمعالجة بعض المواد التي حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أخذ الاتحاد الأوروبي ينظر الآن إلى «الوسائل المادية التي يمكن أن تكون في غير متناول سلطات واشنطن وإحدى الوكالات التي ستطبّق القانون الأوروبي ضد الشركات الموجودة في الخارج، ضمن رد بالمثل على إجراءات تتخذها واشنطن ضد الشركات غير الأميركية». بعبارة أخرى، إن الولايات المتحدة بصدد خسارة النفوذ، وليس كسبه، من خلال انسحابها من «خطة العمل الشاملة المشتركة». فنحن لم تكن لدينا أي سياسة خاصة بإيران تتعلق بالمواد غير النووية عندما كان الاتفاق النووي الإيراني قائماً، وعلى نحو غير مفاجئ ما زلنا نفتقر إليها. ومؤخراً دخلت إيران وإسرائيل في مناوشات ضمن سلسلة من الاحتكاكات العسكرية المتصاعدة في الجو فوق سوريا، ولكن رغبة ترامب في الانسحاب من سوريا قد تكون زادت من حدة التوتر. وفي هذا السياق، قال المستشار الأميركي السابق إيريك إدلمان إن «افتقار ترامب لاستراتيجية وتصريحاته المتكررة حول رغبته في انسحاب الولايات المتحدة من سوريا قد تكون شجعت على سلوكات مجازفة من قبل كل من إيران وإسرائيل». وينظر «روس» إلى ذلك التوتر المتصاعد باعتباره من العواقب غير المقصودة للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. وفي هذا الصدد، كتب «روس» يقول: «عقب قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي الإيراني، لم يكن مفاجئا أن ترد إيران على الإسرائيليين بسبب الضربة التي نفّذوها في 9 أبريل وقتلت ضباطاً من «فيلق القدس»، مضيفاً «في هذه الحالة، تطلّب الأمر من قاسم سليماني يوماً واحداً لإطلاق قذائف إيرانية وقذائف من «حزب الله» من سوريا ضد إسرائيل. القذائف الأربع التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي دُمرت بوساطة صواريخ «القبة الحديدية» في حين ضرب البقية داخل سوريا. ويبدو أن الإيرانيين كانوا يريدون أن يُظهروا أن هناك ثمناً للقرار الأميركي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»