يعكس عنوان هذا المقال، في عمقه ودلالاته، مدى التطور والتقدم الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال تشريع القوانين وإنشاء الجهات الحكومية التي تضع نصب أعينها مصلحة الوطن وتنمية الموارد البشرية الوطنية وخاصة في مجال التعليم العالي والتعليم الفني. وقد فرض علينا تناول موضوع التعليم الفني خلال الأسبوعين الماضيين تساؤلاً مهماً مؤداه: هل هناك اعتماد واعتراف بمخرجات الحياة المهنية بشكل عام ومخرجات التعليم والتدريب التقني والمهني بشكل خاص لدى مؤسسات التعليم العالي؟ والمقصود بمخرجات الحياة المهنية هي التعلم والخبرات السابقة للمواطن التي يكتسبها أثناء مهنته المدنية أو العسكرية من خلال تطوير المعارف والمهارات والتدريب المهني ومن المفترض أن يتم الاعتراف بها لدى وزارة التربية والتعليم ومعادلتها بشهادات تبدأ من الثانوية العامة إلى الدكتوراه أسوة باعتماد «الهيئة الوطنية للمؤهلات» لها. أما مخرجات التعليم والتدريب التقني والمهني، فهي نوعان: الأول يتم منحه من مدارس ومعاهد حكومية متخصصة في التعليم والتدريب الفني، وهي معتمدة من وزارة التربية والتعليم بشقيها العام والعالي. أما النوع الثاني، فهي مؤهلات يتم منحها من مراكز التدريب المعتمدة من «الهيئة الوطنية للمؤهلات»، وهي إما خاصة أو تابعة لجامعات، ولكن ما تزال شهاداتها المعتمدة من الهيئة غير معترف بها من وزارة التربية والتعليم. والمتتبع لمسيرة «الهيئة الوطنية للمؤهلات» منذ إنشائها عام 2010، يجد نجاحها في وضع دليل الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة واعتماد عشرات المؤهلات المهنية الوطنية إضافة إلى طرح منظومة المؤهلات الوطنية، ومواءمتها مع نظيراتها البريطانية والنيوزيلاندية، وتقسيمها إلى عشر مستويات بهدف تنظيم مجال اعتماد والاعتراف بالتعليم والتدريب التقني والمهني والمفترض ألا تعمل تلك المنظومة بمعزل عن الرافد الثاني لسوق العمل، ألا وهو التعليم العام والتعليم العالي. فعلى سبيل المثال، حسب منظومة المؤهلات الوطنية، تعادل شهادة الثانوية العامة الصادرة عن وزارة التربية والتعليم المستوى 4 من المنظومة، كما تعادل شهادة‏? ?الدبلوم ?المستوى ?5، ?وتعادل ?درجة? ?البكالوريوس ?المستوى ?7. ?وحالياً، ?لدى ?مخرجات ?المدارس ?الفنية ?ومعاهد ?التدريب ?والتعليم ?التقني ?والمهني ?الحكومية ?الاعتراف ?الرسمي، ?وبالتالي ?يستطيع ?خريج ?المدرسة ?الحاصل ?على ?شهادة ?المستوى ?4 ?حسب ?منظومة ?المؤهلات ?الوطنية ?الالتحاق ?بجامعات ?الدولة ?باعتبار ?معادلة ?شهادته ?للثانوية ?العامة. ?وهذا ?بلا ?ريب ?إنجاز ?ملموس ?في ?مجال ?التعليم ?الفني ?والعالي. ولكن، على الجانب الآخر، نجد حالة من التأخر في الاعتراف بنوعين مهمين جداً من مخرجات «الهيئة الوطنية للمؤهلات»، وهما الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة، والاعتراف بشهادات مراكز التدريب المعتمدة لدى الهيئة والمصنفة ضمن منظومة المؤهلات الوطنية. فالنوع الأول يظل في أمس الحاجة له الآلاف من مواطني الدولة الذين لم يتمكنوا من استكمال تعليمهم ولكنهم يمتلكون خبرة مهنية ودورات رسمية في مجال عملهم يتم اعتمادها رسمياً والاعتراف بها أكاديمياً في التعليم العالي في دول مثل بريطانيا ونيوزيلاندا ولكن الوضع ما زال معطلاً لدينا. أما النوع الثاني، فيتمثل في مراكز تدريب خاصة أو تابعة لمؤسسات تعليم عالي قامت باستثمار مئات الآلاف من الدراهم لتلبية معايير واشتراطات «الهيئة الوطنية للمؤهلات» لفترة لا تقل عن عام ونصف حتى استطاعوا الحصول على اعتماد الهيئة لمنح شهادات من المستوى 1 حتى 6 حسب منظومة المؤهلات الوطنية، وتحت إشراف جهات محلية أبرزها "مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني"، ولكن حتى الآن لم يتم الاعتراف بتلك الشهادات. والإجابة على التأخر في الاعتراف بالتعلم والخبرات السابقة وشهادات مراكز التدريب المعتمدة تقع في إطار التنسيق المطلوب بين وزارة التربية والتعليم و«الهيئة الوطنية للمؤهلات» وذلك بهدف استكمال الحلقة المفقودة في إنجازات الهيئة، لكي تستمر ريادة دولة الإمارات في التعليم الفني عربياً وإقليمياً، ولكي يستفيد الآلاف من المواطنين في ذلك المجال.