الشارع العربي اليوم منقسم حول احتمالات الحرب بين إسرائيل وإيران.. فالبعض يرى بأن إسرائيل العدو التقليدي للعرب؛ لاغتصابها فلسطين المحتلة.. بينما يرى آخرون بأن إيران تحتل الجزر العربية وتهيمن على أربع عواصم عربية. انقسام العرب، وتحديداً شارعهم غير الرسمي، يدور حول التساؤل: هل نتخذ موقفاً مع إسرائيل التي تحتل فلسطين، أم نقف مع إيران التي تحاول تصدير ثورتها إلى دولنا؟ إسرائيل أعلنت بكل وضوح أنها لن تسمح لإيران بنقل صواريخ «س 300» الروسية إلى سوريا، لأن ذلك يهدد أمن الدولة العبرية نفسها. وإيران بدورها ربما تنوي ضرب أهداف في إسرائيل لأن الأخيرة دمرت القواعد الإيرانية في سوريا أكثر من مرة. والسؤال الآن: ما هي درجة احتمالية الحرب بين الجانبين؟ وهل ستكون حرباً محدودةً بالنطاق الجغرافي لسوريا، أم ستكون حرباً شاملة تضرب فيها إسرائيل أهدافاً داخل الأراضي الإيرانية؟ الجميع ينتظر قرار الرئيس الأميركي يوم 12 مايو الجاري حول إلغاء الاتفاق النووي مع طهران من إبقائه. وكل التوقعات ترى بأن الرئيس ترامب سوف يلغي الاتفاق. لكن إلغاء الاتفاق لا يعني أن طهران سوف تتوقف عن مشروعها النووي، فالقادة الإيرانيون أعلنوا أن مشروعهم النووي سوف يستمر بوجود الاتفاق أو بعدمه.. لأن النظام بحاجة ماسة لهذا المشروع، وهذا ما يقلق إسرائيل. الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريس، يحذر من وجود خطر حقيقي لنشوب حرب حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وهذه الأخيرة على لسان رئيسها حسن روحاني ترفض رفضاً قاطعاً إعادة التفاوض بشأن الاتفاق. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فقدّم وثائق سرية تثبت أن إيران أخفت برنامجها النووي. هل التصعيد الكلامي بين الطرفين سيقود للحرب أم لا؟ وإذا وقعت الحرب، فهل ستكون محصورة داخل سوريا أو ستشمل إيران نفسها؟ كل المراقبين السياسيين يؤكدون أن الحرب ستكون محدودة في سوريا؛ فإسرائيل مستمرة في ضرب المواقع الإيرانية هناك بغية القضاء على مستودعات الذخيرة الإيرانية بهدف تدمير الصواريخ، حيث دمرت حتى الآن 200 صاروخ بعيد المدى، أي أن إسرائيل بدأت بالفعل حربها المحدودة. جريدة «الشرق الأوسط» ذكرت يوم الأربعاء الماضي أن الحرب الخفية في سوريا ظهرت تجلياتها مرات عدة، كان آخرها الحرب الإلكترونية ضد منظومة الرادارات السورية والتشويش عليها قبيل الضربات التي حدثت ليل الأحد الاثنين الماضي لدى استهداف إسرائيل مخازن صواريخ بعيدة المدى شحنتها إيران من قبل. تأخر رد الفعل الإيراني يؤكد بأن إيران لا تريد توريط نفسها، فهي تستغل الأدوات التي تملكها في سوريا، مثل «حزب الله» اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية والأفغانية. الخاسر الأكبر من هذه الحرب العبثية هم العرب، لأن المواجهة العسكرية ستكون في الأراضي العربية والضحايا سيكونون من العرب في سوريا.. لذلك من مصلحتنا كعرب الدعوة لإيقاف أي حرب محتملة، ومطالبة إيران بسحب قواتها من سوريا وباقي الدول العربية التي لها في وجود. إن شن حرب إسرائيلية على إيران قد يشعل المنطقة كلها، لأن إيران لا تستطيع مواجهة إسرائيل أو حليفها الولايات المتحدة، لذلك ستحاول الانتقام من خلال الدول العربية المجاورة لها عبر ضرب المصالح الأميركية فيها. *أستاذ العلوم السياسية - جامعة الكويت