محاذير «سلام الكوريتين».. وتداعيات الشعبوية في أوروبا الشرقية «سيدني مورنينج هيرالد» تحت عنوان «سلام في كوريا.. ألم نصل لهذه النقطة مرات عدة؟»، نشرت «سيدني مورنينج هيرالد» الأسترالية، أول أمس، مقالاً لـ «بيتر هارتشر» استهله بالقول إن مصافحة الرئيس الكوري الشمالي «كيم يونج أون» نظيره الكوري الجنوبي «مون جاي» في المنطقة الحدودية الفاصلة بين البلدين، نهاية الأسبوع الماضي، كانت فرصة كبيرة لإنجاز سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية، كما أن اتفاق الرئيسين على إنهاء حالة الحرب بين الكوريتين إلى الأبد، سيعطي زخماً كبيراً للقمة المرتقبة بين «كيم أون» والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمزمع عقدها خلال الأسابيع المقبلة. ويطرح الكاتب سؤالاً مؤداه: هل نحن أمام فرصة سلام دائم؟ البديل عن هذا السيناريو يتمثل في اندلاع مواجهة جديدة قد تكون أخطر من سابقاتها. ورصد الكاتب تعليقاً لـ«ديفيد آشير»، وهو زميل بمركز الأمن الأميركي الجديد في واشنطن، رأى خلاله أن هذا المشهد لا يتضمن اتفاقاً جديداً، فقد سبق لنا الوصول إلى هذه النقطة في محطات سابقة عام 1994و1998 و2005 و2008 والآن في2018. وفي كل مرحلة من المراحل السابقة مضت كوريا الشمالية في تطوير برامجها النووية والصاروخية بدلاً من أن توقفها. الآن يكمن الفرق- حسب آشير- في حيازة بيونجيانج لأسلحة نووية وصواريخ بالستية عابرة للقارات. وحسب الكاتب، حققت بيونجيانج طموحات كانت ثلاثة أجيال من عائلة «كيم» تسعى للوصول إليها. كما أن رغبة «كيم» في حيازة السلاح النووي، ووضعه على رأس أولوياته يحقق من وجهة نظره ضمانتين، أولاهما داخلية، تتمثل في بقاء عائلة «كيم» في السلطة، وثانيتهما خارجية هي منع التعرض لغزو تقوده الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، فإن «كيم» يعتقد أن بلاده انتصرت أخيراً في حربها الطويلة من أجل تحقيق الأمن. واقتبس الكاتب عبارة كانت قد وردت في أكتوبر الماضي، على لسان أحد كبار المسؤولين في إدارة ترامب، مفادها أن الرئيس الكوري الشمالي صرّح بأن هذا العام ستمتلك قوة ردع في مواجهة الردع الأميركي، ويبدو أن المسؤول الأميركي على حق، ففي هذه المرة، بات الوضع مختلفاً، لسببين، الأول إن عامة الأميركيين شعروا، وللمرة الأولى، بتهديد مصدره الرؤوس الحربية الأميركية، وهذا لم يحدث من قبل، وفي الوقت نفسه، الأميركيون ليسوا متحمسين لحل عسكري ضد كوريا الشمالية، بسبب رد فعل «كيم» المتوقع على هكذا سيناريو. وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن المشكلة الآن باتت جزءاً من أمنها الداخلي، ما يعني أن الرئيس الأميركي سيكون لديه، وللمرة الأولى، محفز سياسي داخلي قوي- لإبرام صفقة مع كوريا الشمالية، وضمان أنها ستنجح. ويرى الكاتب أن ترامب يستطيع أن يُعطي بيونج يانج ما تصبو إليه، وهو تقديم ضمانة بعدم التعرض لهجوم أميركي، وسحب القوات الأميركية المنتشرة في كوريا الجنوبية، والبالغ عددها 30 ألف جندي والمتمركزين هناك منذ 65 عاماً من أجل حماية الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية. «ذي كوريا هيرالد» في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «محاذير السلام»، رأت «كوريا هيرالد» الكورية الجنوبية أنه بعدما اتفق رئيسا الكوريتين على إجراء محادثات خلال العام الجاري للإعلان بشكل رسمي عن نهاية الحرب الكورية والتفاوض على معاهدة سلام بين البلدين لتحل محل الهدنة التي لا تزال قائمة منذ نهاية الحرب الكورية، يمكن تدشين آلية للسلام في شبه الجزيرة الكورية بعد 65 عاماً من الحرب. لكن معاهدة السلام التي تسعى إليها كوريا الشمالية مقابل تفكيك برنامجها النووي، من الصعب إبرامها إلا بعد إلغاء برامج بيونجيانج النووية، والإعلان عن نهاية حالة الحرب، الذي يستند إلى زوال التهديدات العسكرية الكورية الشمالية، يعني تفكير القيادة الأممية التي تم تدشينها عام 1950 لتقديم الدعم لكوريا الجنوبية أثناء وبعد الحرب الكورية، وإذا حدث ذلك، فإن القواعد العسكرية الأميركية في اليابان ستفد مبرر وجودها، لأنها كانت القواعد العسكرية الأقرب للقوات الأميركية في كوريا الجنوبية. وفي حال انتقال قيادة القوات المشتركة «الكورية الجنوبية والأميركية»، إلى القوات الكورية الجنوبية، فإن قدرة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على شن حرب ستضعف. وبخصوص مصير الخط الحدودي الفاصل بين الكوريتين، والمنطقة منزوعة السلاح بينهما، وإمكانية تحويلها إلى منطقة سلام، فإنه يتعين على كوريا الشمالية سحب جميع قواتها ونقل جدارها الحدودي بحيث يصبح على بعد2 كيلو متر شمال الخط الراهن، والسؤال الآن: هل سيتحمل الجانب الكوري الشمالي تكلفة نقل الجدار الحدودي، علما بأن كوريا الجنوبية بنت جدارها الحدودي على بعد 2 كيلو متر من الخط الفاصل بين البلدين. وتشير الصحيفة إلى أمر آخر مثير للجدل، وهو الاتفاق الذي من المفترض أن ينهي تماماً كافة أشكال الأعمال العدائية بين البلدين في الأرض والبحر والجو، على اعتبار أنها مصدر التوتر العسكري، فكوريا الشمالية تعتبر أن إجراء مناورات عسكرية أميركية- كورية جنوبية عملاً عدائياً، في حين لا تعتبر واشنطن بلداً ما حليفاً لها، إذا كانت لا تستطيع إجراء مناورات عسكرية معه. صحيح أن تخفيف التوتر العسكري بين الكوريتين أمر جيد، لكن لا ينبغي أن يتطور النقاش إلى مرحلة سحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية. «يوميري تشيمبيون» في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان «تماسك الاتحاد الأوروبي يتعرض لهزة جراء تنامي الشعبوية في أوروبا الشرقية»، أشارت «يوميري تشيمبيون» اليابانية إلى أن خطوات متعاقبة في أوروبا الشرقية أقدمت عليها قيادات سياسية عملت على تأجيج النعرات القومية والتصدي لحكم القانون والتعددية، وهي خطوات تمس- حسب الصحيفة- قيماً أساسية في الاتحاد الأوروبي، وتزعزع ما لديه من تضامن. على سبيل المثال، فإن فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر وزعيم تحالف «يمين الوسط» الحاكم، فاز بأغلبية ثلثي المقاعد في البرلمان، ليشكل الحكومة للمرة الرابعة منذ عام 2010. وأثناء حملته الانتخابية، وصف «أوربان» الهجرة بأنها مثل الصدأ الذي ينخر المجر، ما أجج حملة ضد اللاجئين. والأمر الذي يصعب تجاهله أن «أوربان» يرفض الليبرالية الديمقراطية كقيمة تحظى بالدعم داخل الاتحاد الأوروبي. وفي بولندا جرت إصلاحات قضائية من خلالها تستطيع الحكومة السيطرة على عملية اختيار القضاة، وبدأت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، اتخاذ إجراءات لفرض عقوبات على هذه الدول لوجود شكوك في انتهاكها لمبدأ سيادة القانون. وفي رومانيا- تقول الصحيفة- إنه في ظل انتشار الفساد، يحاول الساسة تخفيف القوانين عبر تغييرها، وتلك خطوة يراها الاتحاد الأوروبي مزعجة. الخطوات السابقة أشار إليها الرئيس الفرنسي في خطاب ألقاه خلال الآونة الأخيرة، مُجدداً تعهده بحماية الديمقراطية. ويبدو أن دول أوروبا الشرقية التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي قبل 10 سنوات لم تقترب من قيم أوروبا الموحدة بل تفاقمت الفجوة بينها وبين دول الاتحاد. وتلفت الصحيفة الانتباه إلى أن أزمة اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا تعامل معها الاتحاد الأوروبي وفق نظام «الحصص»، أي الاتفاق بين أعضاء «الاتحاد» على قبول أعداد محددة من اللاجئين، لكن ثلاث دول رفضت اتفاق «الحصص» هي المجر وبولندا وتشيكا، واعتبرت أن الاتفاق مفروض عليها من الأعضاء النافذين في الاتحاد. إعداد: طه حسيب