إذا كان التعليم بالنسبة للإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، «هو المستقبل»، وهو محور اهتمام قيادة الدولة وأساس رؤيتها التنموية، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، هو رائد عملية تطوير التعليم والاهتمام به ووضعه في قمة الأولويات الوطنية، سواء على مستوى الرؤية، أو على مستوى البرامج والسياسات، إذ يُعدُّ سموه نموذجاً عالمياً للقادة الذين ينظرون إلى التعليم والاستثمار فيه وتطويره، بوصفها مفاتيح الدخول الواثق والآمن إلى المستقبل. فسموه يمتلك رؤية استثنائية للتعليم، ويعدُّه حجر الأساس الذي تقوم عليه قصة نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تواصل إبهار العالم بإنجازاتها في مختلف المجالات. وهي رؤية تمثل نبراساً للعاملين في المجال التعليمي والتنموي، ليس داخل دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، وإنما في منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية عموماً. لذا جاء هذا الكتاب الذي نعرضه هنا، وعنوانه «محمد بن زايد والتعليم»، لكي يلقي الضوء على الرؤية الثاقبة والدور الجليل، والمساهمات الثرية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في تطوير المسيرة التعليمية في الدولة، ورفدها بالمزيد من الأفكار المبتكرة والخلاقة، بما يعزز دور المنظومة التعليمية في دفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة بمختلف أبعادها، وفي رسم ملامح المستقبل المشرق الذي ينتظر دولة الإمارات بإذن الله تعالى. ومما يميز هذا الكتاب أنه يضم بين دفتيه مساهمات بحثية لمسؤولين عاملين في قطاع التعليم، على رأسهم، معالي حسين إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، ومعالي الدكتور علي بن راشد النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي (مجلس أبوظبي للتعليم سابقاً)، والدكتور عبداللطيف الشامسي، مدير مجمع كليات التقنية العليا، والدكتور عارف الحمادي، مدير ونائب الرئيس التنفيذي في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، والأستاذ مبارك الشامسي مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، والدكتور فاروق حماده، المستشار الديني بديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، ومدير «جامعة محمد الخامس -أبوظبي». ولذلك فالكتاب، كما يوضح الدكتور جمال سند السويد في المقدمة التي وضعها له، يقدم للعاملين في حقل التعليم، وللباحثين والدارسين في مجال التنمية، وصناع القرار، والمهتمين بقضية التعليم في منطقة الخليج والعالم العربي عموماً، بل العالم كله، دراسة في الرؤية التنموية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه لله، من خلال أحد أهم جوانب هذه الرؤية، وهو التعليم، مسجلاً بعض معالم هذه الرؤية وملامحها حتى تظل نبراساً يضيء الطريق إلى المستقبل في إطار «رؤية الإمارات 2021» و«الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي» اللتين تعدان التعليم محوراً أساسياً من محاور استراتيجية التطوير والتحديث في دولة الإمارات العربية المتحدة. أركان الرؤية وكما يوضح الدكتور السويدي، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، ينظر إلى التعليم بوصفه من صميم «الأمن الوطني» لدولة الإمارات العربية المتحدة، لأنه يرتبط بديمومة تنميتها، وعقول شبابها، وقدرتها على مواجهة التحديات في المنطقة، ودورها وموقعها في الإقليم والعالم، ومساهمتها في مسيرة الحضارة الإنسانية، وقوتيها الصلبة والناعمة. وهي نظرة تستند إلى أركان أساسية، أولها المعلم المدرك لطبيعة دوره ورسالته. لذلك فسموه يمنح المعلم أهمية خاصة، ويضعه في مكانة محورية في منظومة التعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد خاطب المعلمين والمعلمات في اليوم «العالمي للمعلمين» في أكتوبر 2015 قائلاً: «أنتم أيها المعلمون تمثلون العمود الفقري لأعظم ثروة لدينا، وهي الإنسان، وذلك لأن مسؤولية بناء الإنسان الإماراتي تقع على عاتقكم وتتم بأيديكم، وأنتم من يتحمل شرف إعداد أجيال المستقبل». أما الركن الثاني في هذه الرؤية، فهو المنهاج الدراسي، حيث يرى سموه أن المناهج المتطورة التي تأخذ بأحدث ما أنتجته العقول في المجال التعليمي في العالم كله، هي الطريق لإنتاج مخرجات تعليمية عصرية ومتميزة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مخرجات قادرة على خدمة أهداف التنمية وطموحاتها في الدولة. هذا ويتمثل الركن الثالث في الأخلاق، حيث يرى سموه أن ديمومة بقاء الدول مرهونة بمدى محافظتها على قيمها النبيلة وتمسكها بمبادئها السامية لتواصل طريقها نحو بناء حاضرها ومستقبلها المشرق. أما الركن الرابع في هذه الرؤية الشاملة حول التعليم، فيتمثل في ضرورة توفير بيئة تعليمية تساعد الطالب على التحصيل، وتفتح أمامه أبواب الإبداع والابتكار من خلال خلق روح المنافسة، وإيجاد الآليات التي تتفاعل إيجابياً مع إبداعات الطلبة، وتشجيعهم على التفكير بعقول منفتحة. روافد وملامح في الفصل الأول من الكتاب يستعرض معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، روافد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم ومحدداتها، وملامح هذه الرؤية، وآليات النهوض بالعملية التعليمية كما تتصورها، ثم نظرتها للتعليم باعتباره هماً عربياً عاماً، لكن قبل ذلك يؤكد معالي الحمادي هذه الرؤية باعتبارها: رؤية شاملة ومتكاملة، رؤية واعية، ورؤية واضحة، ورؤية طَموحاً، ورؤية وطنية، ورؤية إنسانية. أما الروافد والمصادر التي أسهمت في تشكيل هذه الرؤية حول التعليم وأهميته وموقعه في عملية التنمية الشاملة والمستدامة، فأولها مدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، القائد المؤسس والمعلم الأول، صاحب النظرة الثاقبة، والرؤية الحكيمة التي وضعت الأسس القوية للنهضة الإماراتية في كل المجالات. وقد عاش صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى جوار الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قريباً منه، ومستشاراً عسكرياً له على مدى سنوات طويلة، فتشرب فكره، وتعرف إلى رؤيته لمستقبل الوطن وموقع التعليم المتميز في هذا المستقبل. أما المصدر أو الرافد الثاني الذي أسهم في تشكيل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حول التعليم، فهو ما يميز سموه من صفات رجل الدول القائد الذي يجيد قراءة الماضي والحاضر والمستقبل، ويمتلك شجاعة المبادرة واتخاذ القرار. كما أسهمت التجربة الذاتية لسموه، خلال المراحل المختلفة من حياته التعليمية والمهنية، في ترسيخ هذا الاهتمام بالتعليم ووضعه في مقدمة الأولويات. هذا بينما يتمثل الرافد الرابع لاهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بالتعليم، في وعيه بالدروس التي تقدمها تجارب التنمية والتقدم والنهوض في دول العالم على اختلافها، وكيف تحققت هذه التجارب وما أدواتها. لذلك كان المصدر أو المحدد الخامس في هذه الرؤية إدراك سموه بأن التعليم هو مستقبل العالم في كل المجالات، وبأن المنجزات العلمية هي التي ستحدد شكل هذا العالم خلال السنوات المقبلة. خصائص وآليات وفي استعراضه لبعض ملاح رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، حول التعليم، يقول معالي حسين الحمادي: «التعليم هو مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة.. هذا هو ملخص رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، ومفتاح نظرته إلى المستقبل وموقع دولة الإمارات العربية المتحدة فيه». أما التعليم المستهدف في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وفكره، فمن أهم خصائصه كونه تعليماً عصرياً بمعايير عالمية، وتعليم يعزز التفوق في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتعليم يحقق توطين التكنولوجيا، ويدعم الصناعة الوطنية، ويقدم مخرجات تخدم الاقتصاد الوطني، ويؤكد الاهتمام بالتعليم الفني والمهني، كما أنه تعليم مستنير يقف حائط صد ضد التطرف والإرهاب، ويعزز القيم الأخلاقية. لكن ما هي الآليات أو الوسائل التي يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، أنها كفيلة بتنفيذ رؤيته حول التعليم على أرض الواقع؟ في إجابته عن السؤال يذكر معالي حين بن إبراهيم الحمادي ما يلي: المعلم هو الأساس، أهمية تطوير المناهج التعليمية، أولوية الإنفاق على التعليم، خلق بيئة تعليمية جاذبة، الإنفاق على مؤسسات التعليم في العالم. التعليم أولاً ويتطرق الفصل الثاني من الكتاب، وقد كتبه معالي الدكتور علي بن راشد النعيمي، إلى تعبير «التعليم أولاً» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، موضحاً بعض المعاني الاستراتيجية العميقة التي يحملها في طياته هذا الشعار، وأولها كونه يشير إلى أن التعليم يقع ضمن قمة أولويات سموه في نظرته إلى حاضر الوطن ومستقبله، وثانيها، أن التعليم هو خيار دولة الإمارات العربية المتحدة ورهانها الرئيس، وثالثها، أن الاستثمار في قطاع التعليم هو الاستثمار الأمثل للدولة، ورابعها، أن عبارة «التعليم أولاً» لا تنفصل عن عبارة «المواطن أولاً». أما المعنى الخامس، فيتضمن رسالة إلى كل المعنيين بقضية التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة مفادها أن عليهم مسؤولية تاريخية، لأن مستقبل الدولة يتوقف على ما يقومون به من أجل النهوض بالعملية التعليمية والارتقاء بمخرجاتها. ويتساءل معالي الدكتور النعيمي: كيف تتم ترجمة شعار «التعليم أولاً» على أرض الواقع، وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله؟ ويذكر بعض الجوانب التي تجسد بوضوح مقولة، «التعليم أولاً»: تعليم تنافسي، مخرجات تعليمية بمعايير عالمية، تعليم نوعي، تعليم يحافظ على القيم والمبادئ، تعليم يعد جيلاً جديداً للتعامل مع معطيات المستقبل، تعليم يدعم الابتكار، تعليم يكرس دور المرأة كشريك أساسي، تعليم يجعل من الطالب محوراً للعملية التعليمية. كما يستعرض هذا الفصل بعض مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، فيما يتعلق بالتعليم، موضحاً كونها مبادرات تنظر إلى التعليم باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر الأمن الوطني بمفهومه الشامل، كما أنها مبادرات رائدة وسباقة في طرحها وبما تتضمنه من رؤى وأفكار عصرية تتجاوز الصيغ التقليدية، وهي أيضاً مبادرات طَموح تنظر إلى المستقبل بثقة وتنطلق من إيمان حقيقي بقدرة دولة الإمارات العربية المتحدة على تقديم نموذج عربي إسلامي عصري ملهم في مجال التعليم، كما أنها مبادرات شاملة تغطي جوانب العملية التعليمية كلها، علاوة على استنادها إلى رؤية واضحة واقترانها بآليات تنفيذية تحولها إلى سياسات وبرامج وخطط عملية على أرض الواقع، ثم إنها مبادرات مستمرة ومتجددة ولا تتوقف.. وكل ذلك لأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، ينظر إلى التعليم باعتباره المستقبل، وإلى المعرفة بوصفها الثروة الحقيقية للأمم في القرن الحادي والعشرين. كوادر نوعية ويتساءل الدكتور عبداللطيف الشامسي في الفصل الثالث، وعنوانه «صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورحلة أجيال المستقبل»: ما هي منطلقات الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لأجيال المستقبل؟ وما أسباب هذا الاهتمام في رؤيته التنموية ونظرته إلى موقع هذه الأجيال في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة؟ وفي معرض إجابته يشير الدكتور الشامسي إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، يدرك تمام الإدراك أن أجيال الغد ستعيش في عالم مختلف، بفضل التغير السريع وغير المسبوق الذي يشهده العالم، لذلك من المهم أن تكون هذه الأجيال مستعدة للتعامل مع هذا العالم سريع التغير، وحائزة أدوات هذا التعامل آلياته وفي مقدمتها العلم. كما أن سموه يدرك بأن الأجيال الحالية والمستقبلية في دولة الإمارات العربية المتحدة ستعيش مرحلة الانتقال من «عصر النفط» إلى «عصر ما بعد النفط»، بكل ما يتطلبه ذلك من استحقاقات وما يفرضه من تحديات، وما يحتاج إليه من استعداد على كل الصعد. ومن هنا يأتي حرص سموه الكبير على الإعداد الجيد لهذه الأجيال من خلال تعليم نوعي ومتطور. وهنا أيضاً يستحضر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حقيقة كون دولة الإمارات العربية المتحدة دولة قليلة السكان، وتعتمد على مورد ناضب هو النفط، لذلك فإن خيارها للتعامل مع متغيرات العصر العلمية والتكنولوجية هو إعداد كوادر بشرية مواطنة ذات قدرات نوعية عالية، لاسيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا، بحيث تصبح هي نفسها الثروة الحقيقية للوطن. كما يولي سموه اهتماماً خاصاً لتحصين أجيال المستقبل ضد الأفكار المتطرفة، كونها أكبر تهديد لأمن المجتمع وتنميته واستقراره. اقتصاد المعرفة «بناء مجتمع المعرفة والابتكار في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان»، تحت هذا العنوان يقول الدكتور عارف الحمادي، إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حين تحدث أمام القمة الحكومية في دبي عام 2015، عن تصدير آخر برميل نفط، وأكد بأننا سنكون سعداء بتصدير هذا البرميل، فقد كان حديثه مدعوماً برؤية وتخطيط مسبقين حول كيفية الانتقال بالدولة من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد المعرفة الذي يتميز باعتماده على المكون المعرفي. وقد قام سموه بدعم العديد من المبادرات والجهود التي تستهدف تأسيس منظومة تعليمية تتجاوز المرحلة التقليدية، وتتلاءم مع المرحلة العصرية. ومن هنا، ولعمق إدراك سموه بأن رفعة الأمم تبدأ بالتعليم، فقد كان اهتمامه وحرصه الشديدان على إيجاد بيئة تعليمية بحثية غنية، خاصة في مجال التكنولوجيا والعلوم والهندسة، لمواكبة متطلبات التنمية في الحاضر والمستقبل. ويتوسع هذا الفصل في شرح رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حول الابتكار والإبداع في مجال التعليم، ودور سموه في التأسيس لتعليم عصري قائم على اقتصاد المعرفة، كما يسلط الضوء على المخرجات النوعية لهذه الرؤية وحصيلتها الإيجابية في عملية التنمية الشاملة، وتهيئة دولة الإمارات العربية المتحدة للانتقال نحو مرحلة ما بعد عصر النفط، مع التركيز على جامعة خليفة للعلوم والتنكولوجيا بوصفها نموذجاً للتعليم العصري الذي ينمي الابتكار والإبداع ويخدم اقتصاد المعرفة. تعليم مهني تقني وإذا كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، يتبنى رؤية شاملة للتعليم العصري، باعتباره الاستثمار الحقيقي في المستقبل، فإن سموه يولي اهتماماً استثنائياً لتطوير منظومة التعليم المهني والفني والتقني، لارتباطها الشديد بتنمية المهارات والقدرات التي يحتاجها أبناء الوطن للمنافسة في سوق العمل من ناحية، ولدورها الرئيس في تهيئة مناخ الإبداع والابتكار الذي يقود إلى اقتصاد المعرفة من ناحية ثانية. وهذا ما يبرزه الأستاذ مبارك الشامسي في الفصل الخامس من الكتاب، تحت عنوان «التعليم المهني والفني والتقني في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان»، موضحاً أن إيمان سموه بأهمية التعليم الفني والمهني والتقني مؤسَّس على جملة من الاعتبارات المهمة: أولها أن هذا التعليم بات أحد المرتكزات الأساسية التي تسهم في تعزيز القدرة التنافسية لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال تخريج عمالة نوعية تمتلك المهارات المتماشية مع احتياجات أسواق العمل المستقبلية. وثانيها، أن التعليم المهني والفني والتقني العصري والمتطور قادر على تخريج عمالة ماهرة تتسم بالمرونة وبالقدرة على استيعاب ما يطرأ من تقنيات في مجال العمل، وهذا ما تحتاج إليه دولة الإمارات العربية المتحدة في سعيها لتعزيز ريادتها في المجالات كافة. وثالثها، أن التعليم الفني والتقني والمهني القائم على التميز والإبداع والابتكار يعد ضمانة لاستمرار مسيرة النمو والانتاج، ومن ثم تعزيز التنمية المستدامة والشاملة. ولذلك دائماً ما يدعو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، شباب الوطن إلى امتلاك أدوات المعرفة، والتزود بالعلوم التقنية الحديثة التي تتيح لهم المنافسة بفعالية في سوق العمل، ومواكبة الأهداف التنموية الطَّموح لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يقول سموه: «إننا نضع شباب الوطن في بؤرة الاهتمام، ونثق بهم ونعول على دورهم في تحقيق طموحاتنا التنموية، وإضافة إلى ذلك، فإننا نعطي قضية التعليم والابتكار والإبداع أهمية كبرى، ونعتبرها أولوية قصوى في استراتيجية الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط ومعياراً أساسياً لتقدم الأمم والمجتمعات». وكما يؤكد الكاتب، فإن التطور الذي شهدته منظومة التعليم المهني والفني والتقني في دولة الإمارات العربية المتحدة، جاء نتاج رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، والتي أسهمت في تغيير مدركات أفراد المجتمع لهذا النوع من التعليم الذي بات يتيح لخريجيه فرصاً مضمونة في سوق العمل وقدرة أكبر على التنافس مع العمالة الوافدة. كما يؤكد أن المخرجات الإيجابية لهذا التعليم المهني والفني والتقني تجعل منه الرهان الأمثل نحو المستقبل، والقاطرة التي تقود إلى مرحلة ما بعد عصر النفط، تنفيذاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وهي مرحلة تتطلب قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات النوعية الدقيقة التي تسهم في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، مثل الطاقة النووية السلمية، وصناعة الفضاء والطيران، والصناعات الأخرى. ثوابت أساسية وحول «التعليم وتطور المجتمع والدولة في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان»، يقول المستشار الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، طاف العالم وخبر أحوال الشعوب، واستلهم حكمة زايد، فأدرك موقناً أن العلم والمعرفة أساس كل تقدم في كل عصر ومجتمع، كما أدرك أن للدولة دوراً حاسماً في عملية التوجيه والتنظيم والدعم، ما جعله يرسخ في الحقل التعليمي سبعة ثوابت أساسية: الرؤية الشاملة للمجتمع وتطوره، التكامل والتوازن المعرفي، تقوية البناء الاجتماعي، اختصار الزمن وامتلاك أحدث المعارف الإنسانية، التأكيد على الإطار القيمي والأخلاقي، الإبداع وإنتاج المعرفة، صناعة المستقبل على أيدي أجيال مبدعة ومبتكرة. وفي الخاتمة القيمة التي وضعها لهذا الكتاب المهم، طرح الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي تساؤلاً يتعلق بالجهات والمؤسسات التي يقع على عاتقها تنفيذ هذه الرؤية العميقة والحضارية ذات الأفق المستقبلي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حول التعليم، بما يحقق الأهداف التي يتطلع سموه إلى تحقيقها من ورائها، قائلاً، إن هذه الجهات والمؤسسات عليها مسؤولية تاريخية كبرى، لأن الأمر يتعلق باستدامة التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ثم فالخطوة الأولى في النهوض بهذه المسؤولية هي الوعي الكامل لدى كل المسؤولين في حقل التعليم، في الدولة وفي العالم العربي، بأن المستقبل كله مرتبط بالتعليم وبالنجاح في النهوض به، مشيراً إلى جهات مثل: الأسرة، المؤسسات التعليمية، القطاع الخاص، مراكز الدراسات والبحوث، التعليم الحكومي، المعلم.. وموضحاً أن تنفيذ استحقاقات هذه الرؤية في مجال النهوض بالتعليم، ليس مهمة جهة واحدة أو عدداً قليلا من الجهات والمؤسسات، وإنما هو مسؤولية وطنية عامة، لأننا أمام رؤية تنظر إلى البعيد، رؤية وطن يتطلع ببصره إلى الأفق الممتد ويثق بإمكاناته وقدرات أبنائه، وتؤمن قيادته الرشيدة بأن المستقبل يصنع اليوم، وأن التعليم هو عدة الأمم الواعية في العبور إلى هذا المستقبل. محمد ولد المنى الكتاب: محمد بن زايد والتعليم المؤلفون: جماعة الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2018