الاتفاقية التي وقعتها شركة «اتصالات» مؤخراً مع كل من شركة «سينغتل» السنغافورية، وشركة «سوفت بانك» اليابانية، وشركة «تيلفونيكا» الإسبانية، لإنشاء أول تحالف عالمي للأمن الإلكتروني من أجل تزويد الشركات بمحفظة شاملة من خدمات الأمن السيبراني، تمثل خطوة مهمة لتعزيز الأمن الإلكتروني، ليس فقط لأن هذا التحالف يجمع كبار مزودي خدمات الأمن الإلكتروني في العالم، وإنما أيضاً لأنه يستهدف تعزيز التعاون والاستفادة من الموارد والقدرات المشتركة لحماية الشركات من المخاطر الأمنية المحتملة في ظل التعقيدات التي تشهدها بيئة أمن المعلومات العالمية حالياً. الاتفاقية الجديدة تتضمن العديد من الإجراءات التي من شأنها تعزيز الأمن الإلكتروني، سواء لجهة مشاركة المعلومات المهمة حول التهديدات السيبرانية أو لجهة الاستفادة من القدرات المشتركة العالمية للوصول إلى الأمان الإلكتروني لجميع العملاء في أنحاء العالم، فضلاً عن الاستفادة من الخبرات المتنوعة لكل عضو في الحلف في هذا المجال، ما يتيح لهم الاستجابة السريعة لأي تهديدات أمنية محتملة على شبكة الإنترنت، كما تستهدف هذه الاتفاقية العمل على تطوير تقنيات جديدة، مثل التحليلات التنبئية باستخدام التعلم الآلي والأمن السيبراني المتقدم لإنترنت الأشياء، كما سيعمل التحالف أيضاً ضمن خريطة طريق مشتركة لتطوير محافظ الأوراق المالية الخاصة بهم، واستكشاف الاستثمارات المشتركة في المنتجات والخدمات الأمنية، وشركات الخدمات المشتركة، والمنصات الرقمية، والشركات الناشئة، والبحث والتطوير. الاتفاقية الجديدة تشير بوضوح إلى تنامي الإدراك الدولي لخطورة الجرائم الإلكترونية وضرورة التحرك الفاعل لمواجهته، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار تزايد الهجمات السيبرانية في الآونة الأخيرة، واستهدافها للعديد من دول العالم، فضلاً عن تزايد الخسائر المالية المترتبة عليها، حيث توقع تقرير صدر حديثاً عن شركة «تريند مايكرو»، المؤسسة الرائدة عالمياً في مجال أمن البرمجيات، تضاعف معدل هجمات اختراق البريد الإلكتروني خلال العام الجاري 2018، مسببة خسائر تفوق قيمتها الـ 9 مليارات دولار حول العالم، كما شهد العام الماضي موجة واسعة من هجمات برمجيات الفدية حول العالم، والتي كلفت الشركات المستهدفة مليارات الدولارات، وهذا في حد ذاته يكشف كيف أن القراصنة وعصابات الإرهاب الإلكتروني باتت قادرة على تطوير أساليبها باستمرار، واستغلال الثغرات في الفضاء الرقمي في تنفيذ هجماتها الإلكترونية. إن الاتفاقية الجديدة لإنشاء أول تحالف عالمي للأمن الإلكتروني لا تنفصل عن الجهود الرائدة التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز أمنها الإلكتروني في السنوات القليلة الماضية، فقد تبنت أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، كما اعتمدت أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة، كما عملت على تحسين قدرة أفراد المجتمع على استخدام الخدمات الإلكترونية عبر برنامج «المواطن الرقمي» الذي يهدف إلى محو الأمية المعلوماتية لكل فئات المجتمع، علاوة على ذلك، فقد أصدرت أول قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات في دول الخليج بهدف حماية أنظمة المعلومات والوثائق التي تنشرها الدوائر والمؤسسات الحكومية على شبكة الإنترنت، هذا في الوقت الذي تقوم فيه هيئة تنظيم الاتصالات بدور توعوي مهم بشأن الطرق الآمنة لاستخدامات الإنترنت والبيانات المقدمة عبر المواقع الإلكترونية. إضافة إلى ما سبق، فإن الاهتمام بالأمن الإلكتروني ينسجم مع توجه الدولة نحو تعميم التعاملات الإلكترونية في مختلف الوزارات والمؤسسات المختلفة من منطلق مواكبة ما يحدث في العالم المتقدم، الذي أصبح يركز في السنوات الأخيرة على كيفية الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتحسين الثقافة الرقمية، وليس أدل على ذلك من إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً لـ «استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021»، التي تستهدف تعزيز الموقع الريادي لدولة الإمارات عالمياً في مجال أمن ونقل المعلومات، من خلال تسجيل وتوثيق التعاملات الرقمية بتكنولوجيا الـ «بلوك تشين»، التي تضمن عدم اختراق المعلومات من ناحية، وتعزيز مستوى الأمن الرقمي للبيانات الوطنية من ناحية ثانية. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية