إذا كنت تستمع إلى المسؤولين في إدارة ترامب ستعلم أن صناع السياسة الأميركيين أمامهم أحد خيارين: إما الانخراط في رسوم جمركية شاملة تثير حرباً تجارية مع الصين (وربما مع دول أخرى)، أو عدم القيام بأي شيء. وفي حالات كثيرة، يكون القيام بلا شيء أمراً جيداً. العجز التجاري، بعكس أسلوب ترامب المتفاخر، ليس فاتورة يتم سدادها، ولا هو بالضرورة أمر سيئ. إننا نستمتع بنمو معقول وعلى وشك الوصول إلى معدلات العمالة الكاملة، في حين أن العجز التجاري لدينا ينمو. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الدولارات التي نرسلها إلى الخارج لشراء سلع أجنبية تعود إلى الولايات المتحدة عندما يشتري الأجانب ديوننا، أو يستثمرون في أميركا (مثل بناء مصانع توفر فرص عمل للأميركيين). ومع ذلك، فهناك شيء من الحقيقة في زوبعة الدخان التي يثيرها ترامب حوله. وكما يشير «سيمون ليستر»، من معهد «كاتو»، فإن الدول تجبر الشركات الأميركية على تقاسم التكنولوجيا أو سرقة تكنولوجيتنا مباشرة بطريقة غير مقبولة تماماً. ولكننا، كما يضيف ليستر، لسنا بحاجة إلى فرض تعريفات جمركية لمعالجة هذا السلوك: «تكمن الصعوبة هنا في أن بعضاً من هذا السلوك يتنافى مع قواعد منظمة التجارة العالمية، بينما يتوافق البعض الآخر معها، حيث إن قواعد المنظمة لا تغطي كل شيء. وربما يعد نقل التكنولوجيا القسري المفروض على المستثمرين الأجانب انتهاكاً لهذه القواعد؛ ولكن قواعد منظمة التجارة لا تغطي بعضاً من قضايا السرقة السيبرانية». وبالنسبة للسلوك الذي تغطيه قواعد منظمة التجارة العالمية، فإن الإجابة سهلة: «القيام بتقديم المزيد من الشكاوى لمنظمة التجارة. فالشكاوى المقدمة ضد الصين فعالة جداً. النظام أبعد ما يكون عن الكمال، وأحياناً لا تمتثل الحكومات على الفور وبشكل كامل، ولكنه بشكل عام يعمل والصين تمتثل وكذلك الحال مع الحكومات الأخرى». وإلى جانب مسألة الملكية الفكرية، فإن الشركات المملوكة للدولة في الصين، بحسب ما يقول ليستر «لا تتصرف في الغالب بطريقة موجهة نحو السوق». ويفسر قائلاً: «للأسف، فإن منظمة التجارة العالمية ليس لديها قواعد موسعة بشأن الشركات المملوكة للدولة. وأفضل نهج هنا هو إضافة قواعد تجارية جديدة تتعلق بالشركات المملوكة للدولة في الصين، وتطلب من هذه الكيانات التصرف بطريقة تتفق مع المبادئ التجارية. واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (تي بي بي) لديها بعض القواعد التفصيلية في هذا الشأن، وعلى الرغم من أن الصين لم تكن عضواً في الاتفاقية، فإن هناك إمكانية لانضمامها، أو استخدام القواعد المطبقة على الشركات المملوكة للدولة كنموذج لتطبيق مثل هذه القواعد على الصين في اتفاق تجاري مختلف». وللأسف، فقد انسحب ترامب من الاتفاقية. وأشار خبراء اقتصاديون آخرون إلى مجموعة من الخيارات لكي تستخدمها الولايات المتحدة لمعالجة شكواها المشروعة بشأن ممارسات الصين. وقد كتب قيصر صناعة السيارات السابق «ستيفن راتنر» أنه «من الصعب أن تتخيل وسيلة أكثر إرباكاً وإزعاجاً للتعامل معها. ويجب ألا ننسى أن الصين هي أكبر حامل منفرد لديون الخزانة الأميركية، بقيمة تبلغ نحو 1.2 تريليون دولار. تخيل إذا استيقظوا يوماً ما وقرروا البيع. وبدلاً من ذلك، فهو يوصي بمجموعة من الخطوات: إعادة الانضمام إلى (تي بي بي)، فهذا من شأنه أن يخلق تحالفاً من الدول التجارية الحرة، ومعظمها في آسيا، واستبعاد الصين عمداً. والعمل مع الدول الأخرى، كما نفعل في العديد من القضايا، لاتباع نهج متعدد الأطراف تجاه الصين، بدلاً من اتباع نهج أحادي. والضغط بقوة على منظمة التجارة العالمية لتأديب الصين، وإذا لزم الأمر تعليق عضويتها أو طردها من المنظمة. وإعادة النظر في ضريبة التسوية عند الحدود، والتي كان من شأنها أن تساعد في التوازن العام لمشكلة التجارة لدينا. وترتيب البيت من الداخل - مثلاً، من خلال خفض العجز في موازنتنا، والذي يمتص الواردات ورؤوس الأموال لتمويل الديون. كان يتعين النظر في مثل هذه التوصيات لكي نعلم أن هناك إجراءات معقولة كان يجب استنفادها قبل أن يسارع ترامب وينخرط في تهديدات ربما تؤدي إلى حرب تجارية لا يمكن الفوز فيها. جنيفر روبين* ـ ـ ـ ــ ـ ـ *كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»