في مساء يوم الثلاثاء، دارت قصتان تتعلقان بالسياسة الخارجية: فقد ذكرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة بشكل فعال أن البيت الأبيض أخطأ في إعلانه عن فرض عقوبات روسية جديدة. واكتشفنا أن اللقاء الذي كان الرئيس ترامب يخطط لعقده مع «كيم جونج أون» حقيقي للغاية لدرجة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية «مايك بومبيو» قام برحلة سرية للقاء الزعيم «كيم». إن تباين هاتين القصتين ليس كبيراً. وهو يعزز الجانب السلبي المحتمل للمفاوضات عالية المخاطر التي تشمل البيت الأبيض ورئيساً يبدو في كثير من الأحيان أنه يكافح كي ينفذ استراتيجية متماسكة ومدروسة. وقد قوبل موقف ترامب تجاه كوريا الشمالية وقراره الاجتماع مع زعيمها إلى حد كبير بالإطراء من قبل الشعب الأميركي، وأيضاً بتفاؤل حذِر من قبل الخبراء والسياسيين. وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية سعت في الواقع لإجراء مثل هذه المباحثات منذ سنوات، فإن هناك شعوراً بأن العقوبات الاقتصادية المعيقة - وهي العقوبات التي فازت إدارة ترامب بالموافقة على فرضها في مجلس الأمن الدولي المتعنت في كثير من الأحيان – ربما تكون قد دفعت كوريا الشمالية نحو إجراء مفاوضات مشروعة لنزع الأسلحة النووية. لكن الجانب السلبي المحتمل لعقد اجتماع وجهاً لوجه بين رئيس الولايات المتحدة - خاصة إذا كان رئيساً لا يمكن توقع تصرفاته مثل ترامب- هو أيضاً حقيقي جداً. وهناك محادثات شديدة الحساسية تشمل ديكتاتوراً أجنبياً مسلحاً تسليحاً نووياً، والذي جعل من القدرة على توجيه ضربات إلى الولايات المتحدة هدفاً له. وقد كان ترامب في أحيان كثيرة يرد بالتهديد بـ «تدمير كوريا الشمالية» تماماً. فإذا جمعنا هذا مع افتقار ترامب الواضح إلى انضباط الرسائل وتجاهل الإعداد، فمن يدري ماذا يمكن أن تتمخض عنه هذه القمة غير المسبوقة؟ هناك بلا جدال احتمال لأن تكون نتائج سيئة. وهذا ينقلنا إلى تعليقات «هيلي». فقد ذكرت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة يوم الأحد أن العقوبات الجديدة سيتم الإعلان عنها يوم الاثنين. ولكن بدلاً من تصحيح ما قالت، أشار البيت الأبيض يوم الاثنين إلى أنها ربما تكون قد أخطأت أو أن الأمور قد اختلطت عليها. وفي يوم الثلاثاء، قرر «لاري كودلو»، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، أن يقول هذه الأشياء بشكل علني. وقد لاقى هذا رداً فظاً وقوياً من هيلي التي قالت في بيان: «مع كل الاحترام الواجب، لا تختلط لديّ الأمور». إن «هيلي» تقول بشكل أساسي إن ترامب غير رأيه بعد أن قرر البيت الأبيض نشر عقوبات جديدة ضد روسيا وأعطاها الضوء الأخضر للإعلان عن ذلك، من الصعب فهم تعليقاتها بأي طريقة أخرى. تلك هي طريقة القيام بعمل، خاصة عند التعامل مع أمر جوهري وخطير مثل فرض عقوبات على قوة أجنبية عدوانية. وقد أصبحت كلمات «هيلي» الآن لا تحمل ثقلاً على الساحة العالمية كما كانت من قبل – ويبدو البيت الأبيض غير منظم. هؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون حالياً بالإعداد لمحادثات تاريخية مع زعيم أكثر قوة أجنبية عدائية، وهذا هو الرئيس الذي من الممكن أن تحدد قدرته على التفاوض في اجتماعه مع «كيم» مصير كل من الاتفاق وحياة الشعب. وإذا لم يكن البيت الأبيض لديه خطة لعب لتنفيذها أو إذا كان ترامب لا يستطيع تنفيذها أو لن يفعل ذلك، فقد يشكل ذلك مشكلات كبيرة. إن القاعدة الرئيسية لهذه القمم هي «عدم وجود مفاجآت»، ولا يبدو أن ترامب سيلتزم بذلك. الآن لدينا حلقتان في شهرين متتاليين تثبتان أن ترامب لا يستطيع الالتزام بسيناريو السياسة الخارجية، وربما يكون قد حان الوقت للبدء في افتراض أن نفس الشيء يمكن، ومن المحتمل أن يحدث مع «كيم»، فما الذي يعنيه هذا تماماً من الناحية العملية؟ ـ ـ ــ ــ ـ آرون بليك* ـ ـ ـ ـ ــ ــ *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»