عندما كان يعمل في مجلة «كرايسيز» في بيونس أيرس في سبعينات القرن الماضي، تلقى الكاتب «إدواردو جاليانو» مكالمة هاتفية من شخص في «التحالف الأرجنتيني ضد الشيوعية»، وهي عصابة شبه عسكرية معروفة أيضا بـ «تريبل إيه». وقال له المتصل: «سنقتلكم جميعاً». وعلى الفور رد جاليانو: «إن ساعات التهديد، يا سيدي، من 6-8»، وأنهى المكالمة. يشكل الخوف والتهديدات جزءا من تاريخ أميركا اللاتينية، وأداة للسلطة المستخدمة (من قبل جميع الأطراف) لقمع المعارضة. وفي كولومبيا، نشأنا ونحن محاطين بالخوف، بما في ذلك هؤلاء الذين يخافون من التغيير، والاختلافات وأي شيء غير مدرج في القوانين النظامية القائمة. كان هذا هو الإطار الذي أدى إلى ظهور العصابات المختلفة من القتلة السياسيين في جميع أنحاء البلاد في القرن العشرين المضطرب، والتي تحمل أسماء شريرة مثل طيور الكوندور وليون ماريا ولوزانو أو السفاحين أو الممارسات الرهيبة والأساليب الغريبة لتقطيع الناس إرباً إرباً. وقد عزز هؤلاء الهمجيون عهد الخوف، وتغنوا بمدحه حتى يشجعوا أنفسهم على القيام بممارساتهم من القتل وقطع الطرق. وقد أدى هذا النظام من الخوف والتهديدات إلى حالات نزوح واختفاء قسري، ما قوض الرغبة في الاحتجاج وممارسة المقاومة المدنية. وتم تحذير الناس: أي شخص يتصرف بشكل شاذ سينتهي به الحال في المذبح. لقد حل الخوف والتهديد محل النقاش السياسي. واليوم، أصبحت وسائل الإعلام ككل، والتي تغذيها الشبكات الاجتماعية، هي الأداة لزيادة انتشار هذه المخاوف. وعادة ما تستخدم ثقافتنا الحالية من الخوف سيكولوجية الشعور بالذنب: فإذا قتلوا أو طردوا أو سخروا من ذلك الشخص، «فلابد وأن يكون مدانا بشيء». وفي إطار هذا المنطق، تصبح الضحايا كائنات فاسدة، وتصبح الجريمة والاضطهاد والتكتيكات القمعية أمرا طبيعيا. وقد قيل إذا كان القتال من أجل الحرية ينطوي على مخاطر كبيرة، فإن القمع يحتاج إلى الخوف من الموت أو التهديد بالعنف. *رينالدو سبيتاليتا *كاتب أرجنتيني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»