على الرئيس دونالد ترامب أن يتخذ قراراً دستورياً مهماً بخصوص الهجوم الذين شنّته قوات أميركية وبريطانية وفرنسية، يوم الجمعة الماضي، ضد سوريا بسبب استخدام نظام بشار الأسد لأسلحة كيميائية ضد شعبه، ولابد أن يتخذ ترامب هذا القرار خلال الأسبوع الجاري. فعندما شنّ أول هجوم انتقامي له ضد سوريا قبل عام مضى، أخطر الرئيس الكونجرس مباشرة، وأكد أنه تصرف بأسلوب يتسق مع «قرار صلاحيات الحرب». وذلك القرار، الذي تجاهل «فيتو» الرئيس الأميركي الأسبق «ريتشارد نيسكون» في عام 1973، يفرض قيوداً صارمة على اتخاذ الرئيس قراراً منفرداً بشّن أعمال حربية. ويضع ذلك القرار على كاهل ترامب ضرورة الحصول على موافقة الكونجرس على قراره بشأن قصف سوريا في غضون 60 يوماً، وإذا أخفق، فعليه إيقاف حملته العسكرية في غضون 30 يوماً. وإلى ذلك، يقتضي «قرار صلاحيات الحرب» أن يخطر الرئيس مجلسي النواب والشيوخ «في غضون 48 ساعة» من بدء الأعمال الحربية، ورغم ذلك لم يف جميع الرؤساء بهذا الموعد. فقد استغرق الرئيس باراك أوباما 13 يوماً ليخطر الكونجرس رسمياً عقب إعلانه حملة عسكرية مفتوحة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العاشر من سبتمبر 2014. وعلى النقيض، وصلت رسالة ترامب إلى مجلسي النواب والشيوخ في غضون 48 ساعة من حملة القصف التي شنها ضد سوريا في أبريل 2017. وسيكون من المبالغ فيه الإصرار على أن ترامب كان ينبغي عليه إرسال إخطاره الجديد في غضون 48 ساعة عقب خطابه ليلة الجمعة الماضية، إذ لم تكن هناك جلسة منعقدة للكونجرس أثناء عطلة نهاية الأسبوع. لكن إذا أراد أن يكرر أداءه الذي يحتذى به في هذه النفطة، فلابد أن يصل خطابه أثناء جلسة الأسبوع، وأن يتأهب للاضطلاع بمسؤولياته بموجب «قرار صلاحيات الحرب». وكان الهجوم الأول من قبل الإدارة الأميركية ضد سوريا عبارة عن دفعة واحدة من الضربات الجوية، ومن ثم لم ينطبق عليه «الإطار الزمني 60-30» الذي يفرضه «قرار صلاحيات الحرب»، لكن في هذه المرة، أكد الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة «مستعدة لمواصلة القصف إلى أن يتوقف النظام السوري عن استخدام أسلحة كيميائية محظورة». وعليه، إذا التزم ترامب بسابقته، وقدم إلى الكونجرس إخطاراً رسمياً بحملته الجديدة، فإنه عندئذ سيدرك أن «قرار صلاحيات الحرب» يمنحه 60 يوماً لإقناع الكونجرس بالموافقة على مبادرته. لكن خطاب الرئيس لم يقدم أية دلالة على أنه سيلتزم بالقرار الذي اتخذه العام الماضي بشأن التمسك بقانون عام 1973. والمثير للقلق بدرجة أكبر أن وزير الدفاع الأميركي «جيمس ماتيس»، اتخذ في تعليقه على الأمر موقفاً أكثر تشدداً بكثير، إذ أكد أن «للرئيس الصلاحية بموجب المادة الثانية من الدستور في استخدام القوة العسكرية في الخارج من أجل الدفاع عن المصالح القومية الأميركية المهمة». وهذه هي بالتحديد وجهة النظر التي أيّدها أستاذ القانون والمحامي الأميركي «جون يوو» أثناء السنوات الأولى لإدارة بوش الابن. وبالطبع، قدّم «يوو» ادعاءاته دفاعاً عن سلطة القائد الأعلى في تعذيب الإرهابيين، في حين أن «ماتيس» يدلي بحجج مماثلة لحجج «يوو» تأييداً لإخماد حرب كيميائية. والمدافعون عن اتخاذ الرئيس قرار الحرب يبررون موقفهم بزعم أن الكونجرس تخلى عن مسؤوليته الدستورية في العمل كحكم فصل بشأن الحرب والسلام، لكن ذلك ادعاء خاطئ. فعند تمرير قانون المخصصات الشامل الشهر الماضي، كان الكونجرس حريصاً على تأكيد أنه «لا يجوز استخدام أية أموال متوافرة بموجب هذا القانون فيما يتعلق بسوريا على نحو يتعارض مع قرار صلاحيات الحرب، بما في ذلك إقحام قوات عسكرية أميركية في أعمال قتالية بسوريا». والتحدي الحقيقي سيأتي إذا رفض ترامب اتباع النصيحة القانونية السديدة وأيّد احتفاء «ماتيس» بصلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة. وفي هذه المرحلة، سيواجه رئيس مجلس النواب «بول رايان» وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل» لحظة الحقيقة. ولابد أن يتأهبا كي يوضحا للرئيس أنهما سيتوقفا عن منع المطالبات بسحب الثقة منه، إذا تحدى الدستور، و«قرار صلاحيات الحرب»، وأصرّ على سلطته باتخاذ قرارات الحرب وقتما يحلو له. وإذا رفضا القيام بذلك، فسيضعهما التاريخ في وضع المطيعين لقرارات ترامب في تصعيد حملة تحويل الرئاسة إلى أداة للمصادقات التعسفية على استخدام القوة العسكرية. بروس أكيرمان أستاذ في «كلية ييل للقانون» ومؤلف كتاب «انحدار وسقوط الجمهورية الأميركية» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»