لعبة التصعيد حول سوريا.. وتحولات «شراكة الهادئ»! «موسكو تايمز» صحيفة «ذا موسكو تايمز» الروسية نشرت ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء مقالا للمحلل السياسي ماكسيم ترودوليوبوف أفرده لقراءة الموقف الروسي من الضربة الصاروخية العقابية التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لسوريا على خلفية الهجوم الكيماوي في مدينة دوما، مشيرة إلى أنه بعد التصعيد الكلامي بين الولايات المتحدة وروسيا قبل الضربة، والذي جعل بعض المراقبين يتخوفون من مواجهة نووية، سرعان ما جنح الطرفان إلى التهدئة وتجنب التصعيد. ويرى الكاتب أن الكريملن يفضل خطاباً عسكرياً في الموضوع السوري لأنه يضع روسيا والولايات المتحدة على قدم المساواة، كما أنه يجعل من سوريا «قصة قوتين عظميين تتحاربان حول الهيمنة في جزء مهم من العالم». غير أن رغبة الأميركيين في عدم التصعيد تجلت في اختيار الرئيس الأميركي في الأخير الميل إلى الخيار العسكري الأكثر اتزاناً وتحفظاً من بين الخيارات التي عرضها عليه البنتاغون، وانتقال الولايات المتحدة وبريطانيا بسرعة إلى التخطيط لعقوبات اقتصادية إضافية ضد موسكو بسبب دعمها الحكومة السورية واستخدامها المفترض للأسلحة الكيماوية. ويقول ترودوليوبوف إن موسكو، بدورها، تبحث إمكانية فرض عقوبات ما على السلع والخدمات الأميركية، لكنها غير قادرة على تبني رد بنفس قوة وشدة العقوبات الأميركية: لأن روسيا ضعيفة اقتصادياً. ولهذا السبب، يقول الكاتب، فإن الخطاب العسكري يُعتبر مهماً للغاية بالنسبة للكريملن، الذي تعجبه «قصة تنافس قوتين عظميين ويريد أن يوصل لجمهوره الداخلي دراما قوة شريرة تدفع في اتجاه تغيير نظام، وقوة خيرة تدافع عن الحكومة الشرعية لدولة ذات سيادة». ويرى ترودوليوبوف أن «موسكو لا ترغب في حرب، لكنها ترغب في أن يبقى الروس متبنين عقلية حرب»، وأن صور الحرب على شاشات التلفزيون تساعد على ترويج «قصة عظيمة لروسيا، بقيادة بوتين، تخوض حرباً ضد عدوان أميركي». وفي ختام مقاله، اعتبر ترودوليوبوف أن الحكمة تقتضي من القيادة الروسية أن تسعى إلى إعادة تقييم مشاكلها الاقتصادية وبدء التفكير في حلول طويلة المدى بدلًا من «لعبة التصعيد العسكري الخطرة». كما يتعين على الولايات المتحدة أن تتوقف للحظة للتفكير حول حقيقة أنه إذا كان الحل الذي اقترحته روسيا قد هُزم بسهولة في مجلس الأمن خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإنه لقي الدعم من حليف قوي لروسيا اسمه الصين. «لوتون» إن جاذبية الولايات المتحدة آخذة في التراجع، وهذا الأمر لا يعزى فقط إلى وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وينبغي أن يثير قلق أوروبا، يقول جاك تومبسون، الباحث بـ«مركز الدراسات الأمنية» التابع للمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زوريخ، في مقال له بعدد يوم الثلاثاء من صحيفة «لوتون» السويسرية. الكاتب يقول إن الولايات المتحدة هي البلد الأكثر تأثيراً في العالم؛ فهي القوة الاقتصادية الأولى في الكوكب، وقوتها العسكرية لا نظير لها، وثقافتها تتمتع بإشعاع عالمي واسع، غير أن البلاد تواجه اليوم إكراهات وطنية ودولية تهدد هيمنتها، وتراجع «قوتها الناعمة»، أي قدرتها على إقناع الدول الأخرى والتأثير عليها بهدف التحرك بشأن القضايا العالمية، يثير المخاوف. ولئن كانت بعض جوانب هذه «القوة الناعمة»، مثل الثقافة الشعبية، ما زالت قوية وصلبة، فإن الصورة العامة تبدو أكثر قتامة. فالزعامة العالمية للولايات المتحدة حالياً باتت تبدو أقل تأثيراً لدرجة أن البلاد أضحت تصنف في نفس مرتبة الصين وروسيا. كما أن الصورة السلبية لديمقراطيتها أصبحت مبعث قلق آخر. ونشر الأفكار والتقاليد الأميركية بات يواجه مقاومة محسوسة. ويقول تومبسون إنه من المغري إلقاء اللوم على دونالد ترامب، لكن الحقيقة هي أن هذه المشاكل بدأت منذ السبعينيات؛ إذ تُظهر الثقافة السياسية الأميركية، مثلاً، مؤشرات مقلقة على الراديكالية. والشاهد ضعف التعلق بالقيم الديمقراطية والإقبال المتزايد على الأفكار والحركات المتطرفة، وهي ظاهرة تطال بشكل رئيسي البيض من الطبقة العاملة والبيض ذوي الثقافة المحافظة الذين يشعر كثير منهم بأنهم مهددون من قبل العولمة والتنوع المتزايد للبلاد. ثم ختم تومبسون مقاله بالقول إن تراجع «القوة الناعمة» الأميركية ينبغي أن يثير قلق صناع القرار الأميركيين، الذين سيحتاجون إلى كل الأدوات المتاحة للإبقاء على الولايات المتحدة في مرتبة القوة العالمية الأولى. كما ينبغي أن يثير قلق أوروبا، التي تقوم سياستها الخارجية والأمنية على فكرة أن الولايات المتحدة ستبقى قوة عالمية فعالة وملتزمة. وأضاف يقول: رغم أن الأمر يتعلق بشريك غير مثالي، فإن «العالم سيكون أقل تقبلًا للقيم الأوروبية إذا لم تُعد الولايات المتحدة إحياء قدرتها على إقناع بلدان أخرى والتأثير عليها». «جابان تايمز» ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء، علّقت صحيفة «جابان تايمز» اليابانية على ما يبدو تحولًا في موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ»، معتبرةً أنه إذا حدث وقرر ترامب العودة إلى هذه الاتفاقية، فإن ذلك سيمثل أهم تراجع في السياسات منذ وصوله إلى الرئاسة. غير أنه إذا كان هذا التحول مرحَّباً به، تضيف الصحيفة، فإنه ليس مضموناً البتة. الصحيفة ذكّرت بموقف ترامب السابق الذي كان يرى أن الاتفاقية لا تخدم مصالح الولايات المتحدة. غير أنه بدلًا من تمزيقها، أعادت البلدان الأحد عشر الباقية التفاوض حول بنود الاتفاقية، التي أصبح اسمها «الاتفاقية الشاملة للشراكة عبر المحيط الهادئ»، ثم تم قبولها في شكلها الجديد، ومن المرتقب أن تدخل حيز التنفيذ عندما تصادق عليها ستة بلدان موقعة. غير أن نوايا ترامب، في الوقت الراهن، ليست واضحة، تقول الصحيفة. فلأشهر، ألمح وفريقه الاقتصادي إلى تحول في الموقف منها، والأسبوع الماضي قيل إنه كلف مساعديه بدراسة إمكانيات عودة الولايات المتحدة إليها. وتشدد الصحيفة على أن الحكومات الإحدى عشرة تريد عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، إذ من شأن ذلك أن يوسع السوق المشتركة التي توفرها العضوية ويساعد على إحداث توازن إزاء النفوذ الاقتصادي الصيني في المنطقة. غير أنها لفتت في الوقت نفسه إلى أنه لا يوجد حالياً استعداد لإعادة التفاوض حول الاتفاقية. وقالت إن ما يبدو استعداداً من جانب ترامب لبحث إمكانية العودة إلى الاتفاقية سيثلج صدور السياسيين والبيروقراطيين اليابانيين. كما أنه يبرر إصرار رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على الإبقاء على الاتفاقية حية بعد انسحاب الولايات المتحدة منها، ويُظهر أنه رجل ذو رؤية. لكن الأهم من ذلك، وفق الصحيفة، هو أن العضوية الأميركية ستشجع بلداناً أخرى على الانضمام إلى الاتفاقية، ما سيساعد على تحويلها إلى اتفاقية تجارية مهمة حقاً. إعداد: محمد وقيف