«نُفذت ضربة موفقة ليلة أمس.. شكراً لفرنسا والمملكة المتحدة لحكمتهما وقواتهما العسكرية، لا يمكن أن تكون هناك نتيجة أفضل. تمت المهمة».. بهذه العبارات، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على موقع «تويتر» انتهاء الغارة الأميركية البريطانية الفرنسية المشتركة على سوريا، التي نُفذت في الساعات الأولى من صباح يوم السبت الماضي رداً على مزاعم بتنفيذ نظام بشار الأسد لهجوم بالغاز السام أسفر عن مقتل العشرات الأسبوع الماضي في دوما بالغوطة الشرقية، واستهدفت الضربات مركز البحوث العلمية وقواعد ومقرات عسكرية في دمشق ومحيطها، وأعلنت الدول الثلاث بأن هدف الضربة المشتركة هو منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائي ثانية. انتهت الضربة المشتركة السريعة دون المساس بعناصر قوة النظام أو بحلفائه والتساؤل المطروح بالتأكيد ماذا بعد؟ ماذا عن الحرب الأوسع في سوريا؟ فهل تضيف الضربة المشتركة مزيداً من التعقيد على المشهد السوري. يعد الهجوم الكيميائي في دوما في الرابع من أبريل، والذي اتهمت بارتكابه القوات الحكومية السورية الأحدث في سلسلة الهجمات الكيميائية ضمن سلسلة هجمات مشابهة منذ هجوم أغسطس 2013، عندما قصفت بلدات المعضمية وزملكا وجوبر وعين ترما بغاز الأعصاب «سارين» ومواد كيميائية أخرى أدت إلى مقتل نحو 1430 شخصاً، وتتحدث التقارير الإعلامية عن وقوع 144 هجوماً موثقاً بالسلاح الكيميائي، وتضمنت غاز الخردل والكلورين والفسفور والسارين وغيرها من المواد السامة. وفي أبريل 2017 اتهمت المعارضة الحكومة السورية، بأنها قصفت بالأسلحة الكيميائية معقلاً للمعارضة المسلحة في مدينة «خان شيخون» بمحافظة إدلب، ما أدى إلى مقتل 83 شخصاً على الأقل، وحددت منظمة منع انتشار الأسلحة الكيميائية العنصر القاتل في الهجوم بأنه غاز السارين. وتلا هذه الحادثة الضربة الأميركية الأولى، حيث قصفت مدمرات أميركية بحوالي 59 صاروخاً من طراز توماهوك، قاعدة الشعيرات السورية، حيث يُعتقد أنها مكان انطلاق الطائرات السورية. إلى أي مدى ستؤثر الضربة المشتركة على سوريا؟ وهل ستدفع بالصراع إلى نهايته؟ الإجابة غالباً هي لا. عند تحليل مدى فعالية، أو عدم فعالية الضربة المشتركة، يجدر بنا أن نضع بالاعتبار نقطتين أساسيتين: أولاً الموقف الأميركي، وثانياً السبب المعلن للضربة وهو السلاح الكيميائي، إذ يبدو الموقف الأميركي مرتبكاً ويثير الارتباك، فبعد أن تحدث ترامب عن سحب القوات الأميركية من سوريا تصاعدت حدة تهديداته بعمل عسكري كبير نفذه السبت الماضي، لذا لايبدو الموقف الأميركي متسقاً وعلى العكس من ذلك يعكس موقف إدارة ترامب المرتبك حقيقة عدم وجود استراتيجية أميركية واستراتيجية غربية واضحه للمساعدة في إنهاء الحرب. وقد انعكست السياسات الأميركية في تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة فآثار الحرب على العراق لاتزال تتفاقم مؤدية إلى انهيار العراق كدولة ذات سيادة وموحدة في ظل حالة من الترهل السياسي وتفاقم التدخلات الإيرانية في المنطقة حتى غدت إيران المستفيد الرئيسي من القرار الأميركي وتزايد النفوذ الإيراني في سوريا يخلق حالة من التخوف من انعكاسات السياسة الأميركية تصعيداً وتهدئة على الدور الإيراني المتعاظم، ويخلق حالة من الريبة المستمرة في انعكاسات السياسات الأميركية على الاستقرار في الشرق الأوسط، فالضربة المشتركة الأميركية البريطانية الفرنسية سرعان ما استدعت لدى البعض «العدوان الثلاثي على مصر» رغم اختلاف الظروف السياسية والمسببات، إلا أن استخدام المصطلح في السياق السوري، يعكس حالة الريبة السياسية في السياسة الأميركية، ثانياً، رغم أن السلاح الكيميائي يثير على نحو خاص الرعب، إلا أن الأسلحة الكيميائية لا تشكل الأداة الوحيدة من مسببات القتل في سوريا إذ تتزايد حالات القتل والتشوية بسبب البراميل المتفجرة والمدفعية والرصاص والحرب المستمرة لسنوات في الوقت الذي لا تظهر فيه أي مؤشرات على اقتراب نهاية للحرب السورية، وتتصاعد حالة الشك واللايقين بمسببات الضربة الأميركية البريطانية الفرنسية المشتركة ونتائجها. لقد ظل العالم منشغلاً في الأسبوع الماضي بالتهديدات العسكرية الأميركية، وفاقت التوقعات لعمل عسكري كبير الضربة الفعلية فهل «تمت المهمة» فعلاً؟