مازال مجتمع الإمارات بل حتى الخليجي تتردد في أحاديثهم نتائج الحوار الذي جرى بين المواطن الإماراتي وأحد الإعلاميين على الهواء وكيف تطورت الأحداث متسارعة حتى تختتم بدعوة تلقاها هذا المواطن من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لحضور اجتماع مجلس الوزراء الموقر والمشاركة بفعالية لاستعراض خطط وزارة تنمية المجتمع للتعامل مع الحالات الاجتماعية المختلفة، وكان من نتاج ذلك الاجتماع الوزاري تخصيص 11 مليار درهم كمساعدات اجتماعية لكافة فئات ذوي الدخل المحدود وتعيين المواطن علي المزروعي باحثاً اجتماعياً بوزارة تنمية المجتمع، لأنه الأدرى بحاجات الفئات الاجتماعية التي تتطلب الرعاية، وقد غرد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذه المناسبة بقوله: «تتحرك دولة عندما يتوجع مواطن هكذا أرادها زايد». رغم حياتنا في مجتمع السعداء، لكننا لسنا في المدينة الفاضلة، فهناك جوانب من الخلل ينبغي التنبيه عليها بالحكمة المعهودة في أهل الإمارات. ولأن حكومتنا لا تؤمن بوجود الحواجز بين المواطن وقيادته جرت الأحداث بطريقة متسارعة استغربَ منها من لا يعرف قيادتنا، التي لا تؤمن بالشعارات الطنانة الرنانة، التي يسمعها العربي في مجتمعه، فما جرى ليست استجابة طارئة لكنه عرف تربينا عليه نحن أهل الإمارات، لان لقيادتنا رؤية ورسالة محددة وواضحة جعلت الوطن أولًا. في هذه الأحداث رسائل كثيرة أودّ تلخيصها في أن الوطنية تفاعل إيجابي بين الفرد والدولة. الدرس الأول، لا تُزايد على أبناء زايد في وطنيتهم، فقد تربى أهل الإمارات على الولاء للقيادة كابراً عن كابر، الآباء ورّثوا ذلك للأبناء، لسنا ولله الحمد في مجتمع توزع فيه صكوك الوطنية على أفراد ويحرم منها غيرهم فكل مواطن في مجتمعنا وطني حتى النخاع، ولا مجال للتشكيك في ذلك. الدرس الثاني: من واجبات الوطن علينا تقويم الواقع ونقل الصورة الحقيقة للجهات المختصة عبر قنوات التواصل المتعددة، فنحن في حكومة ذكية تود الاستماع للآراء، وعلى عكس ما يريد البعض أن يشيعه عن مجتمعنا، أنها حرية التعبير التي يكفلها الدستور للجميع. فقد قال الرجل المخلص كلمته وتحركت الدولة من أجلها معززاً مكرماً. الدرس الثالث إذا كانت هذه ردة فعل الحكومة مع مواطن وصف نفسه بغير المتعلم، لكنه نطق بالحكمة، فما هو المطلوب حقيقة من حملة الدراسات العليا الذين قرروا الصمت زاعمين فيه السلامة، فما هي حججهم وأين هو منطقهم، استغرب كثيراً من أهل الاختصاص الذين جادت عليهم الدولة بما أعانهم على إكمال دراساتهم العليا في أرقى الجامعات العالمية، لكن إسهاماتهم الوطنية لا تكاد تذكر، لو أجرينا مسحاً سريعاً لمواقع التواصل الاجتماعي لرأينا أن أمثال هؤلاء هجروها. ولو تأملنا في الدراسات التي تتفحص الواقع، وفيها إنقاذ للمجتمع من الزلل المتوقع من أي تجمع إنساني لرأينا أن هذه الدراسات محدودة جداً، ولا يسعى أصحابها لإيصالها لأصحاب القرار معتقدين أن بنشرهم لدراساتهم قد أدوا واجباتهم الوطنية، كم أتألم وأنا أطالع بعض تلك الدراسات القيمة من الناحية العلمية، وقد تم قبرها في أروقة المكتبات، هذا ما اسميه بالوطنية الصامتة، التي لا تريدها قيادتنا الرشيدة، فهي تبحث مخلصة عن كل ما من شأنه الارتقاء بالخدمات المقدمة، أو فكرة حسنة تنقل المجتمع من حال إلى ما هو أفضل منه. وأخيراً أتمنى ألا يُفهم من مقالي الدعوة لإشاعة فوضى فكرية، أو فتح باب للشبهات الظنية، لكنني أدعو كل ذي فكر سديد ورأي رشيد لقول كلمته بالحكمة والموعظة الحسنة وعبر القنوات المناسبة.