من الممكن أن كلمات «كان يهتم بالميزانية الفيدرالية بقوة وشغف» لم تُكتب أبدا في اللغة الانجليزية. أما إذا كانت كُتبت في مكان ما من قبل، فلا شك أنها كانت حول رئيس مجلس النواب الأميركي «بول ريان»، ذلك أن هذا «الجمهوري» المنحدر من ولاية ويسكونسن كان يهتم بالميزانية الفيدرالية على نحو اهتمام الفتيات بنجوم السينما، وأنجيلينا جولي باللاجئين، والكلب بأكل عظمته. والواقع أنه من غير الغريب الجلوس مع سياسي من أجل مناقشة الموضوع الأثير عنده، ليكتشف المرء أن ذاك السياسي، وبعد أن حفظ 10 إحصائيات وبعض العبارات، لا يستطيع في الحقيقة مناقشة تلك الإحصائيات أو السياسات التي يقترحها. غير أن "ريان" كان في الواقع ملماً بكل جوانب الموضوع الذي يدافع عنه وقادراً على التحدث حول أبعاده المختلفة على نحو يعكس إحاطته به. لا بل إنه كان مستعدا للحديث بشكل صريح، وغالبا حول إصلاح البرامج الاجتماعية، التي قد تكون أقل الموضوعات السياسية جاذبية التي يمكن تخيلها. ولا شك أنه تحولٌ مطلوب عن اللازمة الكلاسيكية التي ما فتئ السياسيون يرددونها: أن «كل شيء سيكون أفضل – بطريقة ما – وأن الأشخاص الوحيدين الذين سيضطرون للدفع من أجل أي شيء هم أولئك الذين تكرههم». فاليوم، أعلن ريان أنه سيترك منصبه المنتخَب بحلول نهاية ولايته. ولعله قرار صائب بالنظر إلى أن الوقائع الجديدة للحياة السياسية الأميركية أرغمته على التخلي عن كده وجده اللذين أوصلاه إلى الكونجرس أصلا. وفي تطور مفاجئ في واشنطن، لم يكن تخلي "ريان" المبدئي عن تقلد الزعامة مناورة أو محاولة للدفع بمسيرته السياسية. والحال أن معظم أعضاء الكونجرس يطمحون إلى زعامة الحزب ويسعون وراءها، ولكن ريان لم يبحث عنها في الواقع، وإنما هي التي بحثت عنه، حسب جل الشهادات. ثم بحث عنه دونالد ترامب أيضاً. ركن "ريان" إلى مهمة الحفاظ على تماسك حزبه ووحدته في فترة الاقتتال الداخلي في وقت كانت تهاجم فيه فصائله المتنوعة بعضها بعضاً. لقد كانت مهمةً واجه فيها صعوبة كبيرة، ولكن بالنظر للظروف، فإنه من الصعب تخيل قدرة أي شخص آخر على فعل أفضل مما فعل، أو حتى ما هو بنصف جودة ما فعل. ميجان ماكاردل* *كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»