كانت قد مرت خمسة أيام بدون مياه في الصنبور. الساعة تشير إلى الرابعة عصراً. كان اليوم قائظاً، وكان جلدي ينز عرقاً، وكنت أتوق للاستحمام، كنا جميعاً نتوق لذلك. نزلنا الدرج من شقتنا في الطابق الثالث إلى موقف السيارات أمام بنايتنا لملء أوانٍ من المكان الوحيد الذي يوجد فيه ماء: الصنبور على الرصيف الذي يستخدمه السكان لغسل سياراتهم. ذهبت عائلتنا جميعاً. وهناك وجدنا عائلة أخرى تملأ أوانيها أيضاً، فاضطررنا للانتظار في طابور. فهناك طابور من أجل كل شيء في فنزويلا هذه الأيام! لقد بتنا معتادين تقريباً على هذا الأمر الآن. فقد تعلمنا أن نحتفظ بأوانٍ لتخزين ماء الصنبور المائل للصفرة في المنزل في كل الأوقات: وهذا أمر منطقي وحسب. غير أنه بحلول اليوم السادس من انقطاع الماء، لم يكن لدى أي شخص في البناية ماء، وكنا جد يائسين، ذلك أن الشقة برمتها بدأت تفوح منا رائحة مثل رائحة المراحيض العمومية. وبينما كنت على وشك إتمام رحلة ثانية لنقل إناء ثقيل عبر الدرج صعوداً، عادت المياه إلى الحنفيات. يوم آخر فقط في فنزويلا! في المنطقة التي أقطنها يُعتبر الماء أسوأ خدمة عمومية، ولكن الإنترنت والكهرباء ليسا أفضل حالًا. فالماء والكهرباء والإنترنت هي مثلثنا المستحيل. إذ قلما يحصل المرء على الثلاثة معاً في آن واحد. غير أننا نعرف أسباب ذلك. فقد تولت الحكومة مسؤولية كل المرافق خلال موجة التأميم الكبرى بين 2005 و2009. وعلى سبيل المثال، فإن شركة الكهرباء الوطنية «كوربوليك» يديرها حالياً عسكريون من الواضح أنهم لا يعرفون ما يفعلون. ولديهم دائماً ذرائع متى ما حدث انقطاع للكهرباء عبر البلاد، حيث يلومون الجفاف، والأمطار، بل وحتى شخصا يحمل عصا. ولكنهم غالباً ما يلومون الولايات المتحدة، «سبب كل الشرور» في بلدنا. ولكن الحقيقة البسيطة هي أن لا صيانة، إضافة إلى غياب الاستثمارات، في ظل وجود الفساد، فإن محصلة هذا كله يساوي خدمة رديئة. وماذا عن «هيدرو- بوليفار»؟ شركة توزيع المياه في بلدنا! الواقع أن تخمينكم صحيح: إنها تعتمد على الحكومة أيضاً ويديرها عسكريون. ولهذا، فإن الماء أصفر عندنا. عندما يكون ثمة ماء! كارلوس هيرنانديز بلانكو: عالم اقتصاد فنزويلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»