طرحت الولايات المتحدة والصين في الأيام القليلة الماضية قوائم متنافسة من المنتجات التي يقول كل طرف إنها ستخضع لرسوم جديدة باهظة، في إطار ما أصبح يوصف بالفعل بأنه «حرب ترامب وشي التجارية». والقوائم تشمل بضائع مساوية تقريباً في القيمة، وتمهد فيما يبدو الأرض لاستراتيجيات مختلفة بشكل حاسم. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنها تعتزم فرض رسوم بنسبة 25%على أكثر من 1000 منتج صيني يبلغ إجمالي قيمتها نحو 50 مليار دولار من الواردات السنوية رداً على ما ترى أنه ممارسات تجارية صينية غير عادلة. والملحوظ في قائمة ترامب أنها حرصت على تقليص الضرر الذي يكابده المستهلكون الأميركيون والأنشطة الاقتصادية الصينية. وتجنبت القائمة الإضرار بالقطاعات الرئيسية وركزت فيما يبدو على المنتجات التي يمكن العثور على بديل لها بسهولة. لكن في مقابل هذا، قدمت إدارة الرئيس الصيني شي جينبينج قائمة مركزة للغاية استهدفت الصناعات الحساسة سياسياً مثل الطائرات واللحوم وفول الصويا. وقائمة الصين تضم ما يزيد قليلاً على 100 منتج لكنها تساوي القيمة نفسها التي للقائمة الأميركية. والرسوم الصينية مقصود بها فيما يبدو ممارسة ضغوط شديدة على الشركات المحورية والناخبين الأميركيين. وتشير القوائم إلى نوايا مختلفة وتغامر بالوقوع في مخاطر مختلفة لكن القائمتين معا ترسمان صورة واضحة إلى حد كبير بشأن مسار النزاع. فمن الواضح أن ترامب يأمل في الضغط على بكين كي تفتح أسواقها مع تقليص الأضرار على الأميركيين. والواقع أن ترامب يحاول فيما يبدو الوصول إلى تسوية سريعة عن طريق التفاوض لأن الرسوم لن يجري تنفيذها قبل 60 يوماً على الأقل. وقائمة «شي» يُقصد بها أن تتسبب في أضرار سياسية ومالية، أي أن الولايات المتحدة حاولت تخفيف وقع الضرر لكن الصين تشحذ قوتها لمفاقمة الضرر. والمنتجات المحددة التي تستهدفها الصين ربما تخلق ثغرات يمكن من خلالها النيل من بكين. ففرض رسوم على منتجي طائرات الأعمال قد يبدو جيدا في وسائل الإعلام المملوكة للدولة، على سبيل المثال، لكن الواقع أن هناك اثنين من المنافسين فحسب في مجال أسواق الطائرات في العالم، وهذان سيرفعان الأسعار على الأرجح في الصين. والأمر ذاته ينطبق على فول الصويا الذي تمثل الولايات المتحدة والبرازيل الموردين المهيمنين على مستوى العالم. وإذا اقتصر شراء الصين للفول الصويا من البرازيل، فعلى بكين أن تتوقع دفع أموال أكثر بكثير. وبصفة أكثر عموما، يكشف هذا النزاع بوضوح تصور خاطئ أساسي علقت الإدارات «الديمقراطية» و«الجمهورية» مصداقيتها عليه، وهو الاعتقاد بأن الصين تريد حقاً دعم نظام التجارة الحرة. والرسوم الباهظة التي تفرضها الصين توحي بعدم اهتمام بكين بالتفاوض من أجل بيئة استثمارية وتجارية أكثر انفتاحاً، بل على العكس، توضح مدى اهتمام الصين بالتحديات التي يواجهها نموذجها للاقتصاد المركزي الموجه. وأوضح الجانبان انهما يريدان التفاوض وأبديا استعدادا لفرض رسوم وزيادة الكلفة دفاعا عن موقفهما. لكن الصين بالتأكيد راغبة فيما يبدو أن تضرب بقوة أكبر في المواضع الموجعة. والجدير بالذكر أن إدارة ترامب تسعى إلى مواجهة العجز التجاري الأميركي مع باقي العالم، معتبرة أن السلع المستوردة كثيرا ما تكون مدعومة بشكل غير قانوني. وفي حالة الصين طالب ترامب العملاق الآسيوي بتقليص فائضه التجاري مع واشنطن بما لا يقل عن 100 مليار دولار. وعزز إعلان ترامب للرسوم الجمركية المخاوف بشأن زيادة الحماية التجارية الأميركية، وهي المخاوف التي كانت سببا في اضطراب في أسواق المال العالمية خلال العام السابق في وقت يخشى فيه المستثمرون من أن يقوض خلافا تجاريا طاحنا التحسن المتزامن للنمو العالمي. كريستوفر بالدينج: أستاذ مساعد في الأعمال والاقتصاد بمدرسة «إتش. إس. بي. سي» للأعمال في مدينة شينغن الصينية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»»