في خطاب موسّع بدا من الناحية الظاهرية يدور حول أجندته الخاصة بالبنية التحتية، قارن الرئيس دونالد ترامب الخميس الماضي، بصورة غير مناسبة، الحدود المكسيكية الأميركية بالمنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية. وخاطب ترامب الجماهير في ولاية أوهايو، قائلاً: «أنظروا إلى كوريا، لدينا حدود هناك.. جدار من الجنود، ولا نحصل على مبالغ كبيرة جداً مقابل ذلك، أليس كذلك؟ وإذا نظرتم إلى هناك، لن تجدوا أحداً يعبر تلك الحدود، وعلى رغم من ذلك، لا نعتني بحدودنا». واستطرد الرئيس في الحديث عن 32 ألف جندي، لديهم أفضل معدات، وسياج من الأسلاك الشائكة في أرجاء المكان، في إشارة إلى المنطقة منزوعة السلاح، مضيفاً: «إننا نحمي كل شيء هناك، ولا أحد يمر بتلك الحدود». وتسببت تلك التصريحات في خيبة أمل بين الخبراء، سواء بسواء أولئك الذين يراقبون الهجرة إلى الولايات المتحدة عبر حدودها مع المكسيك، وأولئك المعنيين بالمواجهة العسكرية في شبه الجزيرة الكورية. وأعرب «روبرت كيلي»، وهو أميركي يُدرّس العلاقات الدولية في جامعة «بوسان الوطنية» بكوريا الجنوبية، عن غضبه من تصريحات ترامب، داعياً إلى إلغاء القمة بين الرئيس الأميركي وكيم. واعتبر أنه لا يوجد أحد يرغب في أن يتفاوض ترامب نيابة عن الديمقراطية مع كوريا الشمالية. ومن منظور بسيط، ثمة اختلاف كبير بين الوضعين. فـ«الحدود» بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ليست حدوداً حقيقية على الإطلاق، وإنما هي «خط هدنة عام 1953» بين الكوريتين. ونظراً لأنه لم يتم توقيع معاهدة سلام أبداً بعد الحرب الكورية، فإن كلا الجانبين من الناحية التقنية لا يزالا في حالة حرب، لكنهما يحافظان على وقف إطلاق النار. والمنطقة منزوعة السلاح هي منطقة عازلة بين الجانبين المتحاربين، لكن الاسم الذي أطلق عليها «اسم مغلوط»، لأن المنطقة بها أسلحة كثيفة، ومن الناحية التقنية، لا يعتبرها كلا الجانبين حدوداً، وإنما يرى كل منهما نفسه حكومة مستقبلية لشبه الجزيرة الكورية بأسرها. وأما المكسيك والولايات المتحدة ليستا في حالة حرب، وإنما هما صديقتان بل وشريكتان. ولا تهدف الحدود الحالية ولا الجدار الممتد الذي يقترحه ترامب إلى وقف غزو مكسيكي للولايات المتحدة أو العكس، وإنما ترتبط مخاوف الولايات المتحدة بشأن حدودها بالتهريب والهجرة غير الشرعية. وبالطبع، لا يتم تهريب سوى قليل جداً من الناس أو البضائع عبر المنطقة منزوعة السلاح، لكن كوريا الجنوبية لا تحاول إبعاد المواطنين العاديين من كوريا الشمالية، وفي الحقيقة، تعرض سيؤول جنسيتها على اللاجئين من الشمال، بيد أن معظم من يفرون من كوريا الشمالية، ويُطلق عليهم عادة وصف «المنشقين»، يسافرون إلى الصين وفي بعض الأحيان إلى دول أخرى قبل التوجه إلى كوريا الجنوبية. ولو أنه كان بمقدورهم، لحاولوا على الأرجح الذهاب عبر المنطقة منزوعة السلاح، وما يمنعهم ليس جيش كوريا الجنوبية أو حلفائه الأميركيين، وإنما الكوريون الشماليون، الذين يعتبرونهم منشقين. وفي نوفمبر الماضي، عندما حاول جندي كوري شمالي الهرب عبر المنطقة منزوعة السلاح، تلقى 5 رصاصات على الأقل في محاولة لمنعه من العبور إلى الجانب الكوري الجنوبي، ويتعافى الجندي الآن في الجنوب. ومن منظور بيونجيانج، يهدف وجود الجنود والأسلاك الشائكة والاحتياطات الأخرى مثل الألغام على طول المنطقة منزوعة السلاح إلى منع جيش الغزاة من الدخول، أو الخائنين من الفرار، عن طريق تشويههم أو قتلهم. ولا تنظر المكسيك ولا الولايات المتحدة إلى المهربين أو المهاجرين الذين يعبرون الحدود بينهما على هذا النحو. وأبرز الاختلافات الأخرى بين الوضعين هو اختلاف عملي، وهو أن المنطقة منزوعة السلاح طولها زهاء 160 ميلاً، وأما الحدود الأميركية المكسيكية تناهز 1.969 ميل، وحتى إذا كان ترامب لا يعتقد أن الحدود ستتطلب احتياطات أمنية على غرار المنطقة منزوعة السلاح، إلا أن طول الحدود في حد ذاته سيكون أضعافاً مضاعفة لتلك المنطقة. وعلاوة على ذلك، يبلغ اتساع المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين 2.5 ميل، وإنشاء منطقة حدودية مثلها بين المكسيك والولايات المتحدة سيقتضي على الأرجح مصادرة أراض خاصة، وهو تحرك لن يحظى بشعبية على الأرجح في منطقة مثل تكساس. آدم تايلور: كاتب متخصص في الشؤون الخارجية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»