يتوقع كثيرون في كلا الحزبين تدفقاً كبيراً للناخبين الليبراليين الغاضبين إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل. ويتراجع الجمهوريون الذين يحتلون المقاعد النيابية بمعدل كبير للغاية، وكان أحدثهم النائب «راين كوستيلو» من ولاية بنسلفانيا الذي أعلن أنه لن يسعى لإعادة انتخابه لأنه مثل كثيرين آخرين من الحزب الجمهوري يعتقدون أن الأوضاع غير مواتية لحزبهم فيما يبدو. لكن تقريراً جديداً من «مركز برينان للعدل» يشير إلى أن الجمهوريين ربما لديهم سبب للأمل. ويرى الباحثون في التقرير أن خطوط تقسيم الدوائر الانتخابية تميل بشكل كبير في صالح الحزب الجمهوري، لدرجة أن الأمر يحتاج إلى موجة تاريخية من تدفق «الديمقراطيين» على صناديق الاقتراع كي يستعيدوا السيطرة على مجلس النواب. وذلك التقرير يتبنى نهجاً مختلفاً قليلاً عن الأبحاث الكثيرة الأخرى حول التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، بطرحه سؤالاً عما يتطلبه الأمر في كل ولاية كي ينتزع الديمقراطيون مقعداً إضافياً. وفي بعض المناطق التي تلاعب فيها الجمهوريون بشدة بحدود الدوائر الانتخابية يواجه الديمقراطيون مهمةً في غاية الصعوبة. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن باحثي مركز برينان للعدل قولهم إنه حتى أقوى موجة من تدفق أنصار الحزب الديمقراطي على صناديق الاقتراع «قد تنهار ضد القوة الهيكلية النافذة في السياسة الأميركية المتمثلة في التلاعب الشديد برسم حدود الدوائر الانتخابية». وذكر الباحثون في تحليلهم أن الديمقراطيين يتعين عليهم الفوز بالتصويت الشعبي على مستوى البلاد في انتخابات مجلس النواب بفارق 11 نقطة، كي يتوقعوا التغلب على ميزة الحزب الجمهوري والفوز بأكثر من 23 مقعداً يحتاجونها للسيطرة على المجلس. لكن مهما يكن من أمر النسبة، فهذا غير عادل بشكل كبير. فالتصويت الشعبي القومي لا ينعكس بدقة أبداً في صورة عدد المقاعد التي يحصدها كل حزب. ويفوز حزب بالتصويت بهامش كبير بينما يسيطر الحزب الآخر على المجلس، والنظام يفشل في تمثيل الناخبين. وبالمثل، يميل المجمع الانتخابي بالنظام في صالح الجمهوريين، حيث فاز المرشح الجمهوري في اثنتين من الانتخابات الرئاسية الخمسة الماضية بالرئاسة، رغم أنه حصل على عدد من الأصوات أقل من المرشح الديمقراطي. لكن مع مرور الوقت، يمكن أن تتغير الأسباب التي تحابي حزباً على حساب آخر ويتغير معها ما يتطلبه الأمر للتغلب على هذه الأسباب. ويدعم الحزب الجمهوري في الوقت الحالي أمران؛ هما الجغرافيا السياسة والتلاعب برسم حدود الدوائر الانتخابية. فالناخبون الديمقراطيون يتركزون بشكل غير متناسب في مدن ذات عدد كبير من السكان مما يتمخض عن كثير من الأصوات «الضائعة»، أي الفوز بالانتخابات بعدد من الأصوات أكبر بكثير من المطلوب. ويجب توزيع الأصوات في المناطق للحصول على فرص أفضل في عدد أكبر من الدوائر. ثم إن هناك تلاعباً بحدود الدوائر الانتخابية. فبعد عام 2010 وهو عام حسن الطالع للجمهوريين، استغل هؤلاء سيطرتهم التي حصلوا عليها حديثاً في عملية إعادة رسم الدوائر بعد إحصاء السكان لتعزيز موقعهم. وقد تقضي المحكمة العليا بأن التلاعب الحزبي الشديد برسم الدوائر الانتخابية غير دستوري. كما لا يتعين أن تكون إعادة ترسيم حدود الدوائر حزبياً، بل يجب تغيير النظام عبر لجنة غير حزبية ترسم الحدود كما حدث بالفعل في بعض الولايات. ولأن الخرائط في كثير من الولايات جرى التلاعب بها في صالح الجمهوريين، فإن الانتقال إلى خريطة متعادلة قد يمثل انتصاراً كبيراً للديمقراطيين. وهذا يتعلق بالمستقبل على أي حال. فماذا عن العام الجاري؟ أرى أنه حتى إذا صح تحليل مركز برينان، فلا تزال هناك أسباب للاعتقاد بأن الجمهوريين سيواجهون كارثة. فرغم التلاعب الكبير بحدود الدوائر في عدد كبير من الولايات، فإن هناك نقطة انتقالية يمكن بلوغها مع صعود موجة تدفق كبيرة من الديمقراطيين على صناديق الاقتراع. وأعني بهذا أنه بمجرد الفوز بمقعد فإن التحسن الهامشي في حصة التصويت تبدأ في تحقيق مكاسب أكبر. ودعنا نأخذ ولاية نورث كارولاينا كمثال، حيث يسيطر الجمهوريون على 10 مقاعد من 13 مقعداً. وتحليل مركز برينان يشير إلى أن الديمقراطيين سيتعين عليهم الفوز بنسبة 53% من الأصوات على امتداد الولاية ليفوزوا بمقعد إضافي. لكن إذا فاز الديمقراطيون بنسبة 55% من الأصوات على امتداد الولاية، كما فعلوا عام 2008، فسيكونون في طريقهم إلى الفوز بأربعة مقاعد أخرى والسيطرة على أغلبية وفد الولاية في المجلس. وهذا لا يعني أن النظام عادل، لكن إذا ظلت الأمور كما هي، ربما يستطيع الديمقراطيون تحقيق فوز كبير يجعل مجلس النواب يمثل إرادة الناخبين تمثيلاً حقيقياً وعادلاً. وإذا لم يحدث هذا، فإنه يعني أن حائط الصد الذي أقامه الجمهوريون ضد الوصول إلى حكم أغلبية حقيقي سيظل كما هو. بول والدمان: كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»