لاشك في أن المشكلات القائمة في «فيسبوك»، والموجودة أيضاً في «جوجل» و«أمازون» و«آبل».. قد أفضت إلى «إجماع سهل» على أن شركات التكنولوجيا العملاقة يجب أن تخضع لتنظيمات حكومية. وعندما يطالب عضوا مجلس الشيوخ «تيد كروز» و«إليزابيث وراين» بذلك، فمن الممكن أن يتخذ الكونجرس قراراً بإخضاع شركات التكنولوجيا للتنظيمات، حتى في واشنطن، رغم عدم حدوث شيء هناك. ومثل هذه النتيجة ستكون خطأ فادحاً، وستكون سيئة ليس للشركات فحسب، ولكن للمستخدمين وللدولة الأميركية أيضاً. ولا أتظاهر هنا بعدم الانحياز في كتابة ذلك، فأنا مستثمر في قطاع التكنولوجيا أوشك على بلوغ عامي الـ72، وقد التقيت «مارك زوكربيرج» عندما كان في العشرين من عمره، وقضيت ستة أعوام في مجلس إدارة «فيسبوك»، وكناشر ثم رئيس لمجلس إدارة «واشنطن بوست»، شاهدت صعود «جوجل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«آبل»، وأحياناً كان يحدوني الأمل، وأحياناً أخرى كان يساورني القلق. دعونا نبدأ بالبديهيات، فعلى شركات التكنولوجيا الكبرى الالتزام بالقوانين المطبقة على كافة الشركات، ودفع الضرائب والالتزام بقوانين مكافحة الاحتكار. وإذا اقترفت أخطاء، فلابد أن تقر بها سريعاً وتعمل على معالجتها بشفافية. وتواجه «فيسبوك» بالذات تحدياً جسيماً لإقناع مستخدميها بأن يثقوا فيها لحماية بياناتهم. غير أن إخطار تلك الشركات للتنظيمات، يعني أن شركات مثل «جوجل» و«فيسبوك»، وهما منصتان للخطاب السياسي وتداول الأخبار، سيتم تعيين رئيسي مجلسي إدارتيهما وأعضائهما من قبل الرؤساء، وهو ما سينعكس على سياسات هذه الشركات. وإذا كان أحد يرغب في إخضاع شركات التكنولوجيا للتنظيمات، فهو يتطلب نظاماً يلعب فيه الرؤساء الأميركيون دوراً فيما ينشر على صفحته على فيسبوك، وما يظهر على محرك البحث «جوجل». لكني آمل أن تكون شركات التكنولوجيا حكيمة بما يكفي لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل إقناع مستخدميها بأنها تكترث لخصوصيتهم. وآمل أيضاً أن تكون الإدارة حكيمة بما يكفي لعدم إخضاع تلك الشركات للتنظيمات. دونالد جراهام ناشر صحيفة «واشنطن بوست» من 1979 إلى 2001 يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»