شارك الآلاف في مسيرات جابت شوارع واشنطن وفي أنحاء الولايات المتحدة يوم السبت الماضي. وعدد الأطفال والمراهقين والأسر الذين شاركوا في «مسيرة من أجل حياتنا» في واشنطن ليس مهماً، بل الأهم هو الأسباب التي دفعتهم إلى الاحتجاج. فكيف لا يتقدمون الصفوف وكل الوسائل الأخرى فشلت في أن تضغط على المسؤولين المنتخبين الذين لم يصمدوا أمام ضغط الجماعات المدافعة عن امتلاك الأسلحة كي يتصدوا لكارثة عنف الأسلحة النارية؟ ولذا وقع على عاتق الشباب أن يتقدموا الصفوف في الاحتجاجات الحالية كما فعلوا في الأجيال السابقة وأخذوا بزمام المبادرة كي يجبروا أميركا على مواجهة الكوارث القومية الأخرى. وروح الاحتجاج هو ما حركهم. وهذه الروح كانت موجودة في عام 1960، حين خرج طلاب المدارس العليا ونظموا اعتصاماً عند طاولة للطعام مخصصة للبيض فقط في متجر «وولوورث» في «جرينسبورو» في نورث كارولاينا. وكانت الروح حاضرة في السنوات التالية حين سافر طلاب من البيض والسود معاً على متن الحافلات والقطارات عبر الجنوب منتهكين قوانين الفصل العنصري. وهذه الروح منتشرة الآن وسط الشباب الذين يقدمون على هذه الخطوة الجريئة ليزعزعوا أركان النظام ويحركوا ضمير الزعماء السياسيين الراشدين الذين هم أجبن وأقل اكتراثاً وسلبية من أن يعترضوا على الإرهاب الذي يحصد أرواح أطفالهم وأحفادهم. ترامب ظهر أمام جماعة من مشرعي الكونجرس من الحزبين في اجتماع في البيت الأبيض، وأدلى بمجموعة من العبارات التي تجعله من المدافعين عن التحكم في الأسلحة. وأخبر الضيوف وجمهور التلفزيون أنه يريد تشريعاً شاملاً للتحكم في الأسلحة يرفع السن القانونية لشراء أسلحة ويغلق الثغرات في نظام الفحص الأمني والنفسي للمشتري. بل مضى أبعد من هذا معبراً عن اهتمامه بمشروع القانون الذي تقدمت به السيناتورة «الديمقراطية» ديان فاينستاين لحظر الأسلحة الهجومية. وكان يبدو أنه يسير نحو الجانب الآخر. لكن بعد انصراف الكاميرات وانفضاض أعضاء الكونجرس وبعد اجتماع مع الاتحاد الأميركي للأسلحة تراجع ترامب عن موقفه. ولم يكن أداء الكونجرس بعد إطلاق النار في باركلاند أفضل حالًا. صحيح أن المشرعين أقروا قانوناً يعدل عمليات الفحص الأمني مع إضافة اشتراطات تسمح لمراكز التحكم في الأمراض والوقاية منها أن يجري بحثاً في عنف الأسلحة. لكنهم لم يتجاوزا هذا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»