في عام 1995 ألقي القبض على (ع.ز) بمحاولة قتل شبه متعمد، بعد أن اعتدى بالساطور بعد صلاة الفجر على (ع.ع) في مدينة حائل شمال الرياض، وهو خطيب جامع وله دروس في علوم الشريعة، وكانت تهمته عند الجاني أنه مخبر للدولة وواشٍ، وعالم سوء. في سبتمبر 1994، تجمع عشرات أمام بوابة إمارة منطقة القصيم، كانوا خليطاً من أهالي المنطقة، ومن مناطق متعددة من المملكة، كانوا متعاطفين مع «سلمان العودة»، وهو حركي صحوي سعودي، وجد في التحولات التي عرفتها السعودية بعد احتلال الكويت بيئة خصبة للترويج لأفكاره، وجعل من الخطب والمواعظ الدينية فخاً يصطاد به، ويجند من خلاله الشباب لدعوته السياسية وأفكاره «الإخوانية»، نافثاً تطرفاً ممزوجاً بفكر تكفيري خارجي، تواطأ هو ومجموعة معه توزعوا في المملكة ليشكلوا ظلاً كئيباً على البلاد قرابة أربع سنوات. مع الحماسة والامتلاء بمشاعر القوة الخادعة اقتحم أتباع العودة ساحة الإمارة وتمكنوا من رفع البوابة أو كسرها. وبعد انقضاء ساعة، رفض فيها أمير المنطقة ووكيله استقبالهم أو من يمثلهم، ألقيت خطبتان لإثارة حماسة الحضور، وبعدها انصرفوا، في هذه اللحظات التي بدأت الغوغاء بالتفرق مجموعات صغيرة، طوقتهم قوات مكافحة الشغب، وأمسكت بعشرات منهم، بينما لاذ كثيرون بالفرار وأطلقوا سيقانهم للريح. كان ابن عثيمين غير راضٍ عما يجري، ولم يتدخل للتهدئة أو الوساطة، كان يائساً وغير متفائل، على خلاف رئيس محاكم المنطقة الذي سعى مع مجموعة ممن تثق فيهم الحكومة إلى أن يثنوا الجموع عن التجمهر وإلقاء الخطب والتجمعات السياسية. هذه القصة تكاد تكون معروفة وشائعة عند المهتمين، لكن خلف هذه العناوين تفاصيل أخرى في العتمة لايعرف عنها إلا أفراد كانوا قريبين أو اختارهم القدر ليكونوا شهوداً على بعض التفاصيل. كان «العودة» يراهن على أن ابن عثيمين لن يتخذ موقفاً يلبي رغبات الحركيين، لن يقف ضد «ابن سعود»، و لن يصدر بياناً موقعاً يعلن فيه براءته واستنكاره لما يراه الإسلام السياسي وقتها انحرافات تخرق شرعية الحكم. قال «العودة» في جلسة نقاش خاصة مع أتباعه: «حلقوا لحيتي إنْ فعل ابن عثيمين شيئاً لكم. سيخذلكم». والحقيقة أن ابن عثيمين كان مدركاً لمآل تلك التجمعات التي كان «العودة» يتهلل وجهه لها، ويحرض الصغار والشباب على أن يمضوا قدماً قائلاً لهم:«ليس هناك من دولة تردعنا، لن يوقفنا أحد». في عنيزة كان ابن عثيمين يعرف من مصادره من مسؤولي الدولة ومن طلابه المقربين منه حقيقة مايجري، وفي اليوم الذي أوقف فيه «العودة» وعشرات من أتباعه ومعاونيه، قامت مجموعة بالصلاة مع ابن عثيمين في مسجده، ثم التفوا حوله وهو في طريقه إلى بيته لتوبيخه والضغط عليه. قال لهم: «لقد تجرأتم كثيراً، وتخطيتم الحدود، لقد أحطتم بالإمارة واقتلعتم البوابة وكسرتم هيبة الدولة». قال له أحدهم: أنت من علماء السوء، وقال الآخر أنت جبان. قال له (ع.ز): «نحن ضيوفك افتح بابك، ولندخل بيتك، أكرم ضيوفك، أجابه الشيخ:«ليس والحال هذا، هذه فتنة». وبصعوبة تمكن من دخول بيته وإغلاق بابه. بعدها بعام أو أقل قام (ع.ز) بالاعتداء بالساطور كما ذكرت أعلاه. وفي الدرعية غرب الرياض، في الفترة نفسها تقريباً تعرض إمام مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهو إمام مسجد، إلى محاولة اغتيال بعد أن أطلق عليه الرصاص من سيارة مجهولة، وهو منصرف من مسجده. في هذه اللحظات كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تسرب معلومات خاصة وعائلية بقصد تشويه سمعة فقيه آخر كان على غير وفاق مع «الصحويين».