مثّل احتضان مدينة أبوظبي لأعمال المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في الفترة ما بين يوم الاثنين 19 مارس لغاية الأربعاء 21 مارس الجاري، حلقة مهمة من حلقات التنمية المستدامة التي تشكل محوراً رئيساً في التوجه العام لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أن الاحتفاء بهذه المناسبة يكتسي طابعاً خاصاً لكونه يأتي في ظل احتفال دولة الإمارات العربية المتحدة بـ «عام زايد»، لاستذكار أعماله الخالدة، وإحياء تجاربه في بناء الدولة، واستلهام عطاءاته الرائدة في العديد من المجالات، ومن ثم فإن تنظيم هذه الفعالية التي تلقي الضوء على أهمية الزراعة بوجه عام، والاحتفاء بنخيل التمر بوجه خاص، تحيل مباشرة إلى الاهتمام الكبير الذي كان يوليه الشيخ زايد للنخيل والتمور، وهو صاحب المقولة الخالدة «أعطوني زراعة، أضمن لكم حضارة»، ذلك أن المتأمل للبيئة الجغرافية والخصوصية الثقافية للإمارات يدرك طبيعة العلاقة الخاصة التي تربط الإنسان الإماراتي بالنخيل، حيث ظلت النخلة الرفيق الأصيل والوفي لساكني هذه الصحراء، يستظلون بظلالها، ويتغذون على ثمارها، ويحفظون تاريخهم ومعالم أرضهم بوجودها. وفي هذا السياق إذن، جاء تكريم معالي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التسامح، ورئيس مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي للفائزين بجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر في دورتها العاشرة، وذلك على هامش المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر. كما أعلن معاليه إطلاق كتاب «عبقرية زايد في الزارعة والبيئة»، باعتباره أول كتاب موسوعي يوثق اهتمامات وجهود المغفور له الشيخ زايد في مجال الزراعة والبيئة، كما شكل المؤتمر فرصة لتوقيع 11 مذكرة تفاهم بين الأمانة العامة للجائزة وعدد من المؤسسات الوطنية والدولية، بهدف تعزيز مبدأ الشراكة وتبادل الخبرات، لتحقيق عدد من المشاريع الاقتصادية المتعلقة بتطوير قطاع نخيل التمر والابتكار الزراعي في الإمارات. وبناء على كل تلك المبادرات وغيرها، يمكن فهم السياق الثقافي الذي جعل المغفور له، بإذنه الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، يسخر جل الطاقات لتطوير زراعة النخيل طوال سنوات حكمه، فقد قام –رحمه الله– بزيادة عدد أشجار النخيل، وتوسيع رقعة المساحات المزروعة، وسعى إلى زيادة غلتها وتحسين نوعيتها، وشجع الاستثمارات في قطاع النخيل والتمور، حتى أصبحت دولة الإمارات خلال السنوات الأخيرة ضمن قائمة أكثر الدول في زراعة النخيل، وهي تقدر اليوم بنحو 40 مليون نخلة، وتنتج أكثر من 73 نوعاً من التمور والرطب، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على إنتاج كميات كبيرة من التمور المحلية، وجعل دولة الإمارات العربية المتحدة تنتج 6% من الإنتاج العالمي، وتحتل المركز السابع في قائمة الدول المنتجة للتمور، لقد تجاوزت زراعة النخيل أدوارها الرئيسة من توفير التمور إلى أدوار بيئية أخرى، كمكافحة التصحر وتحسين منظر المدن، وبعث الحيوية في الصحراء. وكانت جهود المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد، في زراعة النخيل قد حظيت بتقدير محلي وإقليمي وعالمي، استحق على إثره الكثير من التكريمات والجوائز، وقد نال من خلالها لقب «رجل البيئة والإنماء»، و«رجل الإنماء والتنمية» و«الشخصية الإنمائية»، كما منح في ديسمبر 1995 جائزة تقديرية وميدالية ذهبية من منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، تقديراً لجهوده في التنمية الزراعية داخل دولة الإمارات، ومساهماته في عدد من الدول النامية في هذا المجال. ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.