يضع وزير الدفاع القطري «العطية» في التعريف عن نفسه في «تويتر» المثل القديم «رمتني بدائها وانسلت»، وهذا أغرب تعريف عن النفس قد يخطر ببال إنسان في موقع للتواصل الاجتماعي. ويبدو أن الرجل صريحٌ إلى درجة أنه يعبّر عن نفسه بالمثل الذي يتخذونه سياسةً غير معلنة في التعامل مع دول المنطقة، فليست هناك دولة ترمي «بلاويها» على الآخرين، وتُخرج نفسها من الموضوع، كما تفعل قطر. فكلما اجتمعوا في غرفهم المغلقة لبحث الملفات الخارجية، أعادوا تذكير أنفسهم بأسلوب اللعب المفضّل: نرميهم بما نفعل! ففي العلاقات مع إسرائيل، «تتاجر وتتعامل مع الإسرائيليين على كل المستويات، وفي الوقت نفسه تشن حملات تخوين ضد الحكومات والمنظمات العربية إن دخلت في أي شكل من التعامل مع جهات إسرائيلية»، كما يقول عبدالرحمن الراشد. وفي رشوة صنّاع القرار في الولايات المتحدة، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً عن عرض قطري بالتمويل رفضه جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهذا غيض من فيض عروض الشراء التي تقدمها قطر، وتكفي فضيحة شراء تنظيم كأس العالم التي وصلت أخبارها إلى أطفال الحواري في البرازيل، لكن قطر تلك تشير بيدها الملطخة بالرشاوى إلى الآخرين. وفي ملف حرية التعبير الذي طافت به الدوحة على عواصم العالم شاكية باكية من أن دول المقاطعة تعاقبها بسبب ما توفره من حرية، رأينا الدولة القطرية تجنّد عشرات المحامين لملاحقة كاتب كويتي عبّر عن رأيه فيها ببعض الكلمات. وهكذا فعلت قطر مع الملايين التي خرجت في بعض البلاد العربية للمطالبة بحقوقها فيما سمي بـ«الربيع العربي»، فنظمت ثورات مضادة لإدخال «الإخوان» إلى قصور الرئاسة، وضاعت مطالب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في وسط هيجان الإسلامويين، ثم رمت الدوحة الاتهامات بصنع الثورات المضادة على الآخرين بكل وقاحة. وآخر الأدواء القطرية ذلك الخبر الذي يقول إن مكتب الاتصال الحكومي لدولة قطر أقام دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد أشخاص، بزعم شنهم حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لنشر معلومات كاذبة عن حكومة قطر، فيما يتعلق برعايتها للجماعات الإرهابية. والخبر السالف ذكره ليس نكتة، فقد بثته وكالة «رويترز» بداية هذا الأسبوع، وأكّده مدير المكتب القطري عبر قناة بلاده «الجزيرة»، مضيفاً أن الدعوى القضائية ستكون ضمن دعاوى عدة ستقام في الولايات المتحدة ودول أخرى (!). ولو أخذت تلك المحاكم الأمر بجدية، فغالباً ستصدر أحكاماً برفض الدعاوى وإلزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، فالسلوك القطري المحرّض على الكراهية، والداعم للعنف، والراعي للإرهاب، يغني عن اختلاق أي كذبة ضدها في هذا الخصوص. قطر صاحبة ماكينة الكذب المسماة «الجزيرة»، وقطر راعية إعلام الظل المخصص لإنتاج الأكاذيب، وقطر التي تنشر أخباراً كاذبة في مواقع مغمورة تعود إليها، ثم تسلّمها لـ«الجزيرة»، والتي تقوم بدورها بنشرها باعتبارها أخباراً من جهات محايدة، وقطر الضالعة في صنع الخلايا وتجنيد الأشخاص لتشويه الآخرين، قطر التي تمتهن كل ذلك، تقيم دعاوى قضائية ضد الكذب(!)