أكملت أستراليا عامها السادس والعشرين من النمو الاقتصادي السنوي المتتالي، ولطالما أسعدها التفاخر بذلك، غير أنها لا تولي تقديراً كافياً لأحد الأسباب الرئيسة لذلك النمو. وبالطبع لا أتحدث عن الصين باعتبارها أكبر شريك تجاري لأستراليا، والتي لعبت بالتأكيد دوراً كبيراً، ولا أعني أيضاً الثروة المعدنية الأسترالية أو برنامج التحفيز المالي الذي بدأ في عام 2008 -2009 في مواجهة التراجع الاقتصادي العالمي. فالقوة الكامنة وراء ذلك النمو المتواصل هي الهجرة، أو مثلما يصفها بعض السياسيين «الديموغرافيا» أو «النمو السكاني». وعلى صنّاع السياسية في أستراليا أن يتحدثوا بملء أفواههم عن دور الهجرة في تحقيق ذلك النمو شبه القياسي، فثمة قصة جيدة ينبغي الإفصاح عنها، وعلى دول العالم أن تنصت إليها، وخصوصاً تلك الدول الراغبة في التوسع الاقتصادي. والمفارقة أنه في الوقت الذي سئمت فيه أستراليا نظام الهجرة لديها الذي يعتمد على النقاط، فإن ذلك النهج يكتسب شعبية خارجها، حيث يتم تصنيف المهاجرين المحتملين وفقاً لحاجة الدولة لمهاراتهم، ولابد لهم من اجتياز اختبارات صحية وشخصية، وبالطبع يخضعون إلى اختبار في اللغة الإنجليزية بشأن دستور الدولة وتاريخها وقيمها. وقد حذر محافظ البنك المركزي الأسترالي «فيليب لوي»، الحضور في منتدى القيادة الأسترالي، العام الماضي، من عدم الانسياق على غير هدى وراء المديح الدولي للتوسع الاقتصادي، مشيراً إلى أنه على رغم من تواصل النمو دون انقطاع على مدار 26 عاماً، إلا أنه كانت هناك فترات من ارتفاع معدلات البطالة، وإن لم ينكمش إجمالي الناتج المحلي. ولفت أيضاً إلى أن متوسط نمو دخل الفرد خلال ربع القرن المقبل سيكون أقل منه خلال الربع السابق، في تحذير ضمني من الهجرة. بيد أن الهجرة، رغم خطورتها، قضية من السهل الاستفادة منها، ومن دونها، لما كانت الأحوال الاقتصادية في أستراليا قصة سعيدة، لذا، على صنّاع السياسة الأستراليين مقاومة إغواءات القوميين من أجل مواصلة النمو. دانيل موس: كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»