«الحمائية» الأميركية تعصف بحرية التجارة.. ومن يقود الذكاء الاصطناعي يحكم العالم «تشينا ديلي» تحت عنوان «بمقدور الولايات المتحدة والصين الإبقاء على علاقاتهما الثنائية في المسار الصحيح». نشرت «تشينا ديلي» الصينية، أول من أمس، افتتاحية استهلتها بالقول إنه عند النظر بعدسة متشائمة، سنجد أن الولايات المتحدة والصين قد دخلتا مرحلة التصادم، وذلك بعدما اعتبرت واشنطن بكين طرفاً يسعى لتغيير الوضع الدولي الراهن وتطمح إلى تغييره، ومن ثم تريد إلحاق الضرر بالحقبة الأميركية. وحسب الصحيفة، فإن معظم- إن لم يكن كل- الانتشار العسكري الأميركي في منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادئ، يستهدف الصين، أو يتعامل معها كهدف محتمل. وعلى الصعيد التجاري، فإن الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب على وارداتها من بعض السلع، تستهدف أيضاً الصين، علماً بأن الأخيرة لن تكون الضحية الوحيدة للسياسة التجارية التي تنتهجها إدارة ترامب. كما أن واشنطن تحاول اقتراح نظام تجاري متعدد الأطراف من أجل مواجهة «مبادرة الطريق والحزام» التي تسعى الصين لتفعيلها. وترى الصحيفة أنه ليس صعباً الاقتناع بمخاوف الصين، وفي الوقت ذاته، ليس سهلاً أن تقنع بكين واشنطن بأنه ليس لدى الصين نية للإطاحة بنظام عالمي تقوده الولايات المتحدة. اللافت أن واشنطن وبكين متكتمتان على الزيارة الأخيرة التي أجراها «ليو هي» عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي، إلى واشنطن، علماً بأنه مدير المجموعة المركزية المعنية بالشؤون المالية والاقتصادية في الحزب، «ليو» حمل رسالتين إلى واشنطن، إحداهما تتعلق بالإفصاح عن رغبة الصين في التعاون مع الولايات المتحدة، وثانيتهما: الاستمرار في الالتزام بالإصلاح والانفتاح. وحسب الصحيفة، فإن «ليو» كان قد نبه أثناء منتدى «دافوس» إلى أن هناك إصلاحات موعودة تفوق ما كان يحلم به الشعب الصيني. وإذا كانت الإدارة الأميركية مندهشة من المكاسب التي يمكن تحقيقها عبر الاتفاق مع الصين، فإن الطرفين بمقدورهما الاستفادة من المنحى البراجماتي في علاقاتهما، والتي تتجاوز الأمور التجارية. وأثناء المؤتمر الصحفي الخاص الذي سبق افتتاح جلسات مجلس الشعبي الصيني، شد رئيس البرلمان على تباين الرؤى لا يسفر بالضرورة عن خوض المواجهة، وركّز على أهمية الاحترام المتبادل بين الطرفين، وتعزيز الثقة بينهما، خاصة في القضايا الاستراتيجية، وتفادي الوقوع في حسابات خاطئة، والتركيز على التعاون وإدارة الخلافات بطريقة صحيحة، والتأكد من أن العلاقات الثنائية تسير في طريقها الصحيح. ولدى الصحيفة قناعة بأن الصين لا تريد الدخول في حرب تجارية، لكن إذا اتخذت الولايات المتحدة خطوات تضر بالمصالح الصينية، فإن بكين ستتخذ خطوات مضادة، «يوميري تشيمبيون» حذرت «يوميري تشيمبيون» اليابانية في افتتاحيتها يوم السبت الماضي، من تداعيات قيام إدارة ترامب بفرض رسوم على الواردات الأميركية من الصلب والألومينيوم. الصحيفة فسرت القرار على أنه محاولة يسعى من خلالها ترامب لاستعادة التأييد الذي كان يحظى به أثناء حملته الانتخابية، لكن يتعين على الرئيس الأميركي إدراك أنه لا توجد مكاسب من أي نوع عندما يتم فرض معايير تجارية من طرف واحد. وحسب الصحيفة، كان ترامب قد أعلن يوم الخميس الماضي أن واشنطن ستفرض رسوماً بنسبة 25? على وارداتها من الصلب، و10 ? على ما تستورده من الألومينيوم. وهناك من يرى أن الخطوة الأميركية تستهدف الصين، التي تضغط من أجل زيادة صادراتها، لكن الاتحاد الأوروبي وكندا أعلنا أنهما سيتخذان إجراءات مضادة إذا أثرت التعرفات الجمركية الأميركية عليهما. لكن فرض تعريفات جمركية والتلويح باتخاذ خطوات مضادة سيضعف نظام حرية التجارة الذي لطالما سعت واشنطن لتفعيله منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومن الخطأ أن تتراجع واشنطن عن هذا المسار. المخاوف التي أثارها قرار ترامب، أدت يوم الخميس الماضي، إلى تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي، في بورصة نيويورك، بمقدار 420 نقطة، كما تراجع مؤشر «نيكي» يوم الجمعة الماضي، بمقدار 420 نقطة، ما يعني أنه لا ينبغي تجاهل آثار الخطوات التجارية التي تتسم بالحمائية، على الأسواق العالمية. صحيح أن مناطق صناعة الصلب في الغرب الأميركي الأوسط، لعبت دوراً حاسماً في فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية خريف عام 2016، لكن زيادة التعرفات الجمركية، من أجل حشد تأييد شعبي قبيل انتخابات التجديد النصفي خطوة تفتقر إلى الشرعية. وعلى عكس ما يتوقعه ترامب، لن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية عل الواردات إلى توفير فرص العمل، بل ستحد من إمكانية خلق فرص عمل جديدة، على اعتبار أن زيادة الرسوم سترفع من تكلفة الإنتاج في قطاع صناعة السيارات، ما يحد من فرص العمل الجديدة. ومن الخطأ القول أن حماية الأمن القومي قد تكون سبباً في زيادة الرسوم على اعتبار أن تطبيقها هدفه حماية قطاع إنتاج الصلب من الانهاك، الذي يقلص من وجهة نظر ترامب قدرة الولايات المتحدة على إنتاج الأسلحة. وفرض هذه الرسوم قد يتسق مع القانون الأميركي لكنه يتعارض مع معايير منظمة التجارة العالمية. «جابان تايمز» في افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، وتحت عنوان «سباق الذكاء الاصطناعي يستعر»، رأت «جابان تايمز» اليابانية أن هناك ميلاً لرؤية الذكاء الاصطناعي كما لو كان أحدث وآخر صيحات التقنية، فإما أن يكون الكلام عنه بعبارات طنانة يستغلها الحكماء من رجال الأعمال، أو أن تكن نقطة انطلاق لكوابيس مزعجة. ما تقدم يمكن اعتباره وصفة دقيقة محتملة لكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، لكن ثمة جزئية مهمة يتجاهلها كثيرون، وهي أنه صار ملمحاً مهماً في الاقتصاد الرقمي، ويلعب دوراً شبيهاً بدور الكهرباء في الثورة الصناعية، وإذا كان هذا السيناريو دقيقاً، فإن من يضمن التفوق في هذا المجال ويتربع على قيادته، سيكون قادراً على التحكم في المستقبل، وتحديد توازنات القوة على الصعيدين العسكري والاقتصادي. الذكاء الاصطناعي هو نتاج معالجات يجريها الحاسوب، من خلالها تستطيع الآلات التعلم وتقييم البيئة المحيطة بها، وتعتمد على معلومات هائلة تجعلها قادرة على صياغة الخيارات، وتحديد أساليب العمل، واقتبست الصحيفة نتائج دراسة أجريت على الذكاء الاصطناعي واستنتجت أنه بحلول عام 2030 سيساهم في الاقتصاد العالمي بـ15.7 مليار تريليون دولار، وأن 14? من إجمالي هذا المبلغ ستأتي من الطفرة في الإنتاج، وتغيير سلوكيات المستهلكين. وتشير الصحيفة إلى توقعات من بينها أن الذكاء الاصطناعي سيعزز النمو السنوي للاقتصاد الياباني بما نسبته 1.9 ?. واقتبست الصحيفة عبارة وردت على لسان الرئيس الروسي فيلاديمر بوتين، عندما التقى مجموعة من الطلاب الروس العام الماضي، جاء فيها (إن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل ليس فقط لروسيا، بل لكل البشرية، ومن تكون له القيادة في هذا المجال سيحكم هذا العالم). إعداد: طه حسيب