بعد عطلة نهاية الأسبوع التي شابتها توترات على غير العادة بسبب آخر قنبلة فجرها التحقيق مع روسيا، والنقد الطلابي لاستجابته لحادثة إطلاق النار على مدرسة في باركلاند بولاية فلوريدا، ربما يلجأ الرئيس دونالد ترامب لتغيير الموضوع وتحويل مركز النقاش العام. وقد سخرت إدارته من أحد الخيارات وسط جلبة يوم الجمعة الماضي عندما أشارت وزارة التجارة لمسألة واردات الفولاذ والألومنيوم، باعتبارها تهديداً للأمن القومي وأوصت بإمكانية فرض قيود جديدة أكبر على هذه الواردات. وقد قدمت تقارير وزارة التجارة للرئيس مجموعة من الخيارات بالنسبة لواردات المعدنين. فبالنسبة للفولاذ، على سبيل المثال، فرض وزير التجارة «ويلبور روس» رسوما بنسبة 24 في المئة على الواردات القادمة من جميع أنحاء العالم كأحد السيناريوهات الممكنة، أو أن يختار ترامب فرض تعريفة بنسبة 53 في المئة على واردات الصلب القادمة من 12 دولة، من بينها الصين والبرازيل والهند وروسيا وتركيا، مع الحد من الواردات القادمة من سائر دول العالم لتعود إلى مستوياتها في عام 2017. وأمام الرئيس مهلة حتى منتصف شهر أبريل القادم لاتخاذ قرار في هذا الشأن. ونظرا إلى أزماته السياسية، فقد يقرر ترامب التحرك بسرعة أكبر. ولا ينتظر المستثمرون أن يتخذ ترامب إجراءات. وقد سجلت أسهم الصلب الأميركية ارتفاعا يوم الجمعة بعد إعلان وزارة التجارة، حيث ارتفعت أسهم الصلب الأميركي وأسهم شركة الصلب «إيه كي» بنسبة تزيد على 10 في المائة لكل منهما، وارتفعت أسهم الألومنيوم أيضا. لكن بالنسبة للشركات المصنعة التي من الممكن أن تواجه تكاليف أعلى للمواد التي تشكل مدخلات بالنسبة لها، بما في ذلك شركتي «جنرال موتورز» و«فورد»، فقد انخفضت أسعار أسهمها. وفي الوقت نفسه، فقد ازدادت حدة التوتر بين فريق ترامب والصين بسبب التجارة. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى انخفاض عمليات الاستحواذ الصينية على الشركات الأميركية في العام الماضي، بسبب مخاوف من إجراء تدقيق أكثر صرامة في الصفقات، حيث تراجع حجم هذه العمليات بنسبة 56 في المئة. وهناك دليل على أن هذا الخوف مبرر: ففي الشهر الماضي، رأي «جاك ما»، رئيس مجموعة «علي بابا» القابضة الصينية محاولة شركته العملاقة للتكنولوجيا المالية (فينتيك) «آنت فاينانشيال» الفاشلة لشراء شركة «موني جرام» الأميركية لتحويل الأموال مقابل 1.2 مليار دولار، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. وفي الأسبوع الماضي، منعت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مجموعة من المستثمرين الصينيين من شراء بورصة شيكاغو. كما فرض فريق ترامب الشهر الماضي رسوماً باهظة على واردات الألواح الشمسية والغسالات، وهي الخطوة التي دفعت الصين إلى الانتقام من خلال إجراء تحقيق لمكافحة الإغراق في صادرات حبوب السورجوم الأميركية (نوع من القمح)، واعتباراً من الأسبوع الماضي، بدأت تتخذ إجراءات جديدة ضد مادة «ستايرين مونومور» الكيميائية أميركية الصنع، وهي إحدى مكونات البلاستيك. فهل يعلم الرئيس ما هو السورجوم أو ما هي مادة ستايرين مونومور؟ هذا أمر أقل أهمية من ملاحظة «ديفيد لينش» من صحيفة «واشنطن بوست» على الأخبار التي أعلنتها وزارة التجارة يوم الجمعة، حيث قال: «لقد عكس رد الفعل على الإعلان الطريقة التي يطلق بها ترامب السياسات التجارية، حيث رحب الديمقراطيون بإمكانية اتخاذ إجراءات صارمة، بينما حذّر الجمهوريون من الإجراءات التي قالوا إنها ستدعو إلى انتقام مكلف من جانب الشركاء التجاريين الأميركيين. إن ترامب لن يتنازع بشأن النقاط الأفضل في السياسة التجارية التي تطلقها إدارته خلال الأسابيع القادمة. لكنه بالتأكيد سيفكر في اتجاه السياسة العامة تحت ضغط من الرياح القوية التي تهاجم رئاسته. وستضع القرارات التي تم اتخاذها بشأن واردات الصلب والألومنيوم الأساس لإجراء آخر معلق يستهدف الصين بشكل مباشر. ويتوقع المراقبون التجاريون من الممثل التجاري الأميركي «روبرت ليثايزر» أن يقدم تقريراً في غضون أسابيع بشأن سرقة الملكية الفكرية الصينية والنقل القسري للتكنولوجيا والذي يكبد الولايات المتحدة خسارة تقدر بالتريليونات من الدولارات. «هذه الأرقام لم نراها من قبل»، بحسب ما ذكر لي مسؤول صناعي قام بتتبع هذه المسألة خلال الأسبوع الماضي. وإذا تطرقنا إلى الفقرة 301 من قانون التجارة لعام 1974، فسيتسنى للرئيس أن يتحرك من جانب واحد للرد. وما زلنا ننتظر الإجراء الذي سيتخذه ترامب، هذا إذا اتخذ أي إجراء، أكثر من كل ما سبق. توري نيومير: كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»