الإمارات ُتجدد اسمها كل يوم في قائمة بلدان المستقبل، فقد قررت منذ الآن أن تعيش في المستقبل، فبعد نقلها للقمر الصناعي «خليفة سات» إلى كوريا الجنوبية، في إطار المراحل النهائية لإطلاقه، فإنها تدخل اليوم بجدارة، وفي لحظة تاريخية فارقة، قائمة على ارتياد الآفاق، لمعرفة أسرارها بعينها هي، لا بعيون الآخرين، ومن كان الفضاء سقفاً لطموحاته، فقد تجاوزت همته الأرض ورواسيها. الفضاء وما أدراك ما الفضاء؟ وما الأسرار والأبعاد التي تنطوي عليه عملية نوعية كهذه، متقدمة وكبيرة؟ وما الفوائد العلمية المنتظرة التي سيعود بها قمر خليفة على الإمارات، لاستخدامها في المجالات الحيوية والمهمة؟ وما الصناعات المستقبلية إلاَّ إحدى تلك المجالات الاستراتيحية. ترى، ما المهام والتساؤلات العلميّة التي ستطلب الإمارات من "خليفة سات" القيام بها، وما الإجابات التي عليه توفيرها؟ تلك هي المهمّة المقبلة بعد الإطلاق، والأكثر أهمية وإثارة، فما تريده الإمارات كثير، ويختلف بالضرورة عما أراده ويريده الآخرون، ولعل من طموحاتها الاستراتيجية الوصول إلى تحقيق ما وعدت به منذ أعوام، الوصول إلى اقتصاد المعرفة، ليكون بديلاً عن الاقتصاديات التقليدية، ومنافسة الآخرين فيه، بالثقة نفسها التي عودت عليه المتابعون لمسيرتها، مسيرة آلفت فيها بين التوثب والرصانة، بين الحماسة والحكمة. اليوم، تقدم الإمارات هذا المنجز التقني الكبير لشعبها، ولكافة شعوب العالم، وبالأخص الشعوب العربية على كامل الجغرافيا، من طنجة إلى عُمان، ليشاركوها فخرها المتنامي بهذا المنجز، والمنجزات التالية، على الإيقاع نفسه، والإبهار نفسه، وشرح للصدور التي ضاقت بالتخلف، واليأس الضاربة جذوره عميقاً في النفوس، في غير مطرح من أرضنا العربية. تجربة الإمارات في نهضتها المعاصرة، هي لأمتنا العربية، ليستفد منها وبها من شاء وبالطريقة التي يريد.. جملة لطالما ترددت، ومنذ أعوام طويلة، على ألسنة القادة والمسؤولين. إن خبر نقل القمر "خليفة سات"، نشرته صحف يومية، وبثته قنوات إخبارية، في غير بلد عربي وأجنبي، وفي ما يشبه المباركة والاحتفاء، والغبطة العارمة، لكن علينا نحن هنا، في هذا الجزء المهم من العالم، القيام بأكثر من ذلك، علينا التوقف عند هذا الخبر قليلاً، عند هذه العملية من الطراز الأول، للتمعن في بعض تفاصيلها، فالقمر جرى تصنيعه كاملاً، بأيد عربية إماراتية، في مركز محمد بن راشد للفضاء (تأسس عام 2015)، كما جرى نقله عبر ناقل وطني، "طيران الإمارات"، وعملية إطلاقه ستكون من المؤكد إماراتية أيضاً، فصناعة الفضاء غدت أولوية إماراتية، يؤشر على ذلك، خبر هالني فيه عدد المواطنين الراغبين في ارتياد الفضاء. يقول الخبر المنشور يوم الجمعة الماضي، على موقع (فيوتشريزم) الشبكي، المعني بالعلوم:(إن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، لاقى إقبالاً غير عادي من الإماراتيين، فقد تقدم 3000 مواطن للالتحاق بالبرنامج، رغم أن عدد المواطنين الذين سيقع عليهم الاختيار هذا العام، أربعة مواطنين فقط). وهذا يؤشر على نسبة التوق لدى الإماراتيين لارتياد الفضاء. وسيخضع المواطنون الأربعة الناجحون، لتدريب مطوّل، قبل إرسالهم في مهام إلى محطة الفضاء الدولية، ليكونوا سفراء الإمارات (الفضائيين) للأعوام الخمسة المقبلة. يا له من خبر! ولمن يريد أكثر، فليعلم أن (مسبار الأمل) سيكتمل العمل عليه وينطلق في عام 2021، لمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس دولة الاتحاد.