حذر كبار مسؤولي الاستخبارات الكونجرس في الأيام القليلة الماضية من أن روسيا تواصل مساعيها لاستهداف انتخابات عام 2018. ولا عجب في هذا لأنه قبل شهور قليلة أخطرت وزارة الأمن الداخلي 21 ولاية أن مقرصنين استهدفوا أنظمتها الانتخابية عام 2016، لكن الكونجرس لم يقر بعد تشريعاً يعالج جوهرياً الأمن الرقمي. ويتعين على المشرعين التحرك قبل أن ينفد الوقت إذا أردنا حماية انتخابات عامي 2018 و2020. ولا دليل على أنه تم القرصنة على إجمالي الأصوات في عام 2016. لكن من الواضح أن المقرصنين كانوا يختبرون الساحة. وتركز اهتمامنا على روسيا لكن التهديدات في المستقبل قد تأتي من كوريا الشمالية والصين وجماعات قرصنة مثل جماعة «أنونيمس»، أو من أي خصوم من الخارج أو الداخل. ولا عجب أيضاً أن يضع المقرصنون أنظارهم على أنظمة التصويت الأميركية لأنها أهداف سهلة نسبياً. فقد درس باحثون طائفة من البنى التحتية الإلكترونية للتصويت بما في ذلك الشاشات التفاعلية باللمس وأجهزة المسح الضوئي وقواعد بيانات التسجيل ووجدوا نقاط ضعف خطيرة قد تسمح حتى لمهاجمين متوسطي المهارة أن يهددوا سلامة عملية الانتخابات. ومن المقرر أن يستخدم العام الجاري نحو 40 ولاية أنظمة التصويت الإلكترونية أو أنظمة الجداول في التصويت وهي وسائل قديمة يعمل كثير منها على برامج تطبيقية قديمة لا تتضمن أنظمة للحماية الأمنية. وتوصل مسح لما يقرب من 300 من مسؤولي الانتخابات في 28 ولاية إلى أن غالبية واضحة منهم تحدثوا عن الحاجة إلى أنظمة انتخابية جديدة. ونحن نعتقد أن هناك إطار عمل لتأمين انتخاباتنا يمكنه أن يحظى بتأييد كلا الحزبين ويقلص الكلفة على دافعي الضرائب ويحترم التوازن الدستوري بين سلطات الولايات والسلطات الاتحادية في إدارة الانتخابات. ففي سبتمبر الماضي، قدم «الجمهوري» مارك ميدوز الذي يرأس «تكتل الحرية» في مجلس النواب تشريعاً قد يساعد في حل المشكلة بإصلاح بسيط يتمثل في أوراق الاقتراع. ويجيز «قانون الأوراق» الذي تقدم به «ميدوز» تقاسم الكلفة مع الولايات لإحلال الأنظمة الإلكترونية غير الآمنة بتلك التي تنتج سجلاً مادياً يستطيع الناخب أن يتحقق منه. ويمهد مشروع القانون أيضاً الطريق أمام الولايات كي تجري من حين إلى آخر عملية تدقيق تحد من المخاطر في إجراءات تفحص عينة عشوائية صغيرة من سجلات الأوراق لتقدم سريعاً وبكلفة ميسورة درجات عالية من الثقة بأن نتيجة انتخابات ما صحيحة. وعزز الرئيس دونالد ترامب بالفعل إطار العمل هذا معلناً أن «هناك شيئاً جيداً حقاً للغاية في نظام أوراق الاقتراع القديم، وهو أن المرء لا يقلق بشأن القرصنة». وفي مجلس الشيوخ، تقدم ستة مشرعين من الحزبين في الآونة الأخيرة بمشروع «قانون الانتخابات الآمنة» الذي يطرح مجموعة شاملة من الإصلاحات الأمنية تتضمن منحاً اتحادية لإقامة أنظمة تعتمد على أوراق اقتراع يتحقق منها الناخب. وتشير أفضل التقديرات إلى أنه يمكننا تغيير كل أجهزة التصويت غير الورقية في الولايات المتحدة مقابل ثمن طائرة واحدة من طراز إف-22 ومشروع القانون في مجلس الشيوخ لن يضيف إلى العجز في الموازنة لأنه يحد من الإنفاق في المستقبل. ويدافع كلا مشروعي القانون في مجلسي الشيوخ والنواب عن المبدأ الدستوري الذي يلقي بالمسؤولية الأولى في إدارة الانتخابات على الولايات والإدارات المحلية، لكن مشروعي القانونين يقران أيضاً بأن السلطات الاتحادية لها دور في الانتخابات بأن «تقدم الدفاع المشترك»، وبدلاً من خلق تفويض اتحادي جديد، تحدد مقترحات الإصلاح فيما يبدو أفضل تصور عن الأمن الانتخابي وتقدم إرشادات لاستخدام الأموال الاتحادية. وليس من العملي أن نتوقع أن يكون مديرو الأنظمة الانتخابية المحلية في المناطق الريفية في ميسوري أو البلدات الصغيرة في ولاية «مين» على قدم المساواة مع كبار المرتزقة الرقميين المدعومين من الحكومة في الصين أو كوريا الشمالية، وكما تقدم الوكالات الاتحادية الدعم في تنفيذ القانون للولايات في التعامل مع الإرهاب يجب على المسؤولين الاتحاديين تقديم الإرشاد والدعم في التعامل مع خطر الأمن الرقمي في الانتخابات. ولو أن هناك درساً مستفاداً من العرض الذي لم ينقطع العام الماضي للهجمات الرقمية الكبيرة فهو أن الجميع، من المستهلك إلى الشركات الصغيرة والشركات العالمية، معرضون للخطر. ومع الكشف في الآونة الأخيرة عن هجمات رقمية معقدة ضد أنظمة التصويت في الولايات المتحدة وفي الخارج، فمن الواضح أن أي شخص يخوض الانتخابات على منصب عام معرض للخطر أيضاً، ويجب على أعضاء الكونجرس أن يقروا بأن إصلاحات الأمن الرقمي للانتخابات تصب في مصلحتهم الشخصية وفي صالح الأمن القومي للولايات المتحدة. *وزير الأمن الداخلي السابق. **رئيس جماعة «أميركيين من أجل إصلاح ضريبي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»