تواجه وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية خفضا كبيرا في الإنفاق بموجب صفقة ميزانية تم التوصل إليها الأسبوع الماضي تنهي إغلاق الحكومة. ويكافح المشرعون للعثور على تمويل إضافي لجَسْر الفجوة التي تبلغ نحو 8.8 مليار دولار مما يفرض أكبر تقليص للموارد للسلك الدبلوماسي وبرامج التنمية منذ تسعينيات القرن الماضي. وتقليص الميزانية يصادف انحسارا في المعنويات في وزارة الخارجية في غمرة إعادة تنظيم مثيرة للخلاف واعتقاد مسؤولي الخارجية بأن الرئيس دونالد ترامب يهمش الدبلوماسية. وذكر معاونون في الكونجرس أن مشرعين من الحزبين سعوا جاهدين للعثور على طريقة لتعزيز التمويل بينما غاب تقريبا مسؤولو الإدارة عن المناقشات. ويؤثر العجز في التمويل لوزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية على عمليات العام المالي الحالي ولعام 2019. وصفقة الميزانية الشاملة التي توصل إليها زعماء الكونجرس والبيت الأبيض تفادت عملية إغلاق مطولة للحكومة بتحديد مستويات الإنفاق للعامين الماليين 2018 و2019. لكن الصفقة دعمت التمويل للجيش الأميركي، وقلصت التمويل غير الدفاعي في ميزانية عمليات الطوارئ في الخارج التي كانت تستحوذ على ثلث ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ونتيجة لهذا، لم يعد أمام المشرعين إلا أسابيع للعثور على تمويل إضافي لوزارة الخارجية لميزانية العام المالي 2018 كما يواجهون فجوة مماثلة لميزانية عام 2019. والتقليص المحتمل في ميزانية عام 2018 دفع 151 قائدا عسكريا بارزا سابقا، من بينهم رؤساء أسلحة الجيش والبحرية والقوات الجوية ومشاة البحرية والعمليات الخاصة، للتحذير من أن التقليص يقوض النفوذ الأميركي العالمي في الوقت الذي تتنامى فيه التهديدات للأمن القومي. وجاء في خطاب وجهه المسؤولون العسكريون السابقون لزعماء الكونجرس: «يتعين علينا ألا نقلص قدرة البلاد على الزعامة حول العالم في مثل هذه الأوقات المضطربة». ونشر الخطاب «ائتلاف الزعامة الأميركية العالمية»، وهو منظمة تجمع بين قيادات عسكرية واقتصادية ودينية لدعم موارد وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وعبّر القادة العسكريون الكبار المتقاعدون عن قلقهم من بقاء مناصب دبلوماسية كبيرة شاغرة، وعن «إيمان قوي بأن الارتقاء بالدبلوماسية والتنمية وتعزيزهما إلى جانب الدفاع حيوي للحفاظ على سلامة أميركا». وأشار الجنرالات السابقون إلى أهمية الدبلوماسية والمساعدات في إعادة البناء بشكل خاص في العراق وسوريا بعد إلحاق الهزيمة ب«داعش» في الآونة الأخيرة في ساحات القتال. وجاء في الخطاب: «بينما شهدنا تقدما عسكريا ضد داعش، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو إذا ما كنا مستعدين لحماية هذه المكاسب في ساحات القتال ومنع الأطراف الشريرة من ملء الفراغ». ويتعين على المشرعين إذا أرادوا زيادة التمويل لوزارة الخارجية ليصل إلى المستويات السابقة، أن يتخذوا قرارات صعبة في الأيام القليلة المقبلة بشأن التمويل، في غمرة مطالب متصارعة لأولويات محلية أخرى. ويتعين على لجان المخصصات أن توزع نحو 63 مليار دولار في صورة تمويل تقديري غير دفاعي في ميزانية عام 2018 بينما هناك 21 مليار دولار تم الحديث عنها وتخصيصها للبحث الطبي وبرامج مكافحة المخدرات وقدامى المحاربين وأولويات أخرى. وكتب بوب منينديث، السناتور الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، خطابا يوم الجمعة حث فيه رفاقه من المشرعين الذين يشرفون على الميزانية أن يعيدوا التمويل لوزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى المستويات الحالية. وجاء في الخطاب: «الولايات المتحدة تواجه طائفة من التحديات المعقدة حول العالم تتطلب زعامة أميركية قوية. والموارد المخصصة للشؤون الدولية يتعين أن تتناسب مع معالجة هذه الحاجات الحيوية». ووُجه الخطاب الذي حصلت «فورين بوليسي» على نسخة منه إلى السناتور الجمهوري لينزي جراهام رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات التي تشرف على ميزانية وزارة الخارجية وإلى باتريك ليهي، السناتور الديمقراطي البارز في اللجنة. وأرقام الميزانية العامة تكشف ما يجري إنفاقه فعليا على الدبلوماسية. فقد تضخمت تكلفة حماية وتأمين السفارات مما التهم جزءا متزايدا من الميزانية الإجمالية لوزارة الخارجية. ويرجع هذا في جانب منه إلى أن وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي ووكالات اتحادية أخرى، توسع تواجدها في السفارات الأميركية، ويتعين على وزارة الخارجية تسديد فواتير حمايتها. وأشارت بيانات «الاتحاد الأميركي للخدمة الخارجية»، وهو منظمة تضم موظفين سابقين وحاليين من وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى أن وزارة الخارجية أنفقت 17% من ميزانية «برامجها القنصلية والدبلوماسية» على الأمن في عام 2008. والميزانية المقترحة لعام 2018 تشير إلى أن تكلفة الأمن تلك ارتفعت إلى 45% مما يعني أن 55% فقط من ميزانية «البرامج القنصلية والدبلوماسية» ستذهب فعليا إلى إدارة العمل الدبلوماسي. دان دو لوس كبير مراسلي الأمن القومي في «فورين بوليسي» روبيي جرامر صحفي متخصص في الشؤون الخارجية عن دورية «فورين بوليسي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»