النقاش المفتوح الذي بدأ بشأن الهجرة مؤخراً في الكونجرس، سيختبر شخصية بول راين رئيس مجلس النواب، وشجاعة الجمهوريين المعتدلين ودهاء الرئيس دونالد ترامب وحساسيات اليسار الديمقراطي. وقد تنهار أي صفقة ويخسر جميع من سبق ذكرهم. وستثبت واشنطن أنها تعاني من خلل وظيفي كما يتصور الجمهور، لكن إذا تفوق هؤلاء الساسة على أنفسهم، فقد يفوز الجميع ما عدا معارضي الهجرة، ولا يواجه «الحالمون»، أولئك المهاجرون الذين جاؤوا وهم أطفال، تهديد الترحيل، ويحظى أمن الحدود بمزيد من الموارد. وحاول الديمقراطيون الشهر الماضي بدعم من بعض الجمهوريين التوصل إلى صفقة بشأن الحالمين عن طريق عرقلة مشروع قانون يحافظ على استمرار عمل الحكومة، لكنهم لم يفلحوا في مسعاهم، وتراجع «تشاك شومر»، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، متمسكاً بأهداب الحكمة رغم احتجاجات من نشطاء الهجرة. أما ترامب فقدم مقترحاً يدعم الحالمين وإقامة جدار حدودي ويعزز ترحيلات الشرطة ويقلص عدد المهاجرين الشرعيين.. ضمن إجراءات أخرى لا يمكن إقرارها في مجلس الشيوخ. إنه يريد أي شيء يستطيع أن يطلق عليه انتصاراً. وهناك أكثر من 60 عضواً في مجلس الشيوخ يدعمون حماية الحالمين وتعزيز تمويل أمن الحدود، بالإضافة لتعديلات صغيرة أخرى، وهذا يتوقف على شرطين. أولهما: المشرعون العقلاء أصحاب الشخصية من الحزبين من الجمهوريين مثل سوزان كولينز وليزا موركوفسكي، ومن الديمقراطيين مثل جو مانتشن وكريس كونز ممن يتعين عليهم الوقوف معاً وتجاهل ترامب وتغريداته. والشرط الثاني هو أن يدرك الليبراليون ما يمكن تحقيقه وليس السعي لما هو مثالي متمسكين بحجة أنهم يستطيعون أن يبلوا بلاءً حسناً بعد تفوق ديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل. وعليهم أن يتذكروا أن الحجة نفسها قد طُرحت في عام 2006، حين حدث التفوق الديمقراطي، لكن إصلاح الهجرة الذي تقدم به تيد كيندي وجون ماكين وجورج بوش، لقي هزيمة في مجلس الشيوخ بفارق أربعة أصوات. ولم يتم إقرار تشريع كبير في الهجرة منذئذ. وإذا تم إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ -احتمالات الإقرار تتساوى مع احتمالات الرفض- سيكون الأمر في يد راين ومجلس النواب، وهناك مشروع قانون يجمع بين الحزبين في مجلس النواب شبيه بما يمكن أن يقره مجلس الشيوخ، وعلى راين أن يدعمه، وإلا فسيكون الفصل الأخير من بيع حياته السياسية، لكن هل يمكنه التصدي لترامب وتكتله اليميني؟ بالنسبة لترامب فالأمر لديه يتعلق بشخصيته وليس بالمبادئ، وإذا استطاع الرئيس إعلان انتصار تشريعي لصالح الجدار الحدودي الذي صرح في حملته الانتخابية لعام 2016 أن المكسيك ستغطي تكلفته، فقد يهدئ قاعدة مؤيديه. أما بالنسبة للجمهور، فهناك دعم كبير للحالمين وشك قوي بشأن الجدار الحدودي، لكن هناك أيضاً دعماً لتعزيز الأمن على الحدود. وهناك أغلبية تعارض تقليص الهجرة الشرعية وتفضل الميل نحو المزيد من الهجرة بناء على المهارات. وحتى في ولاية أيوا التي ينتمي إليها النائب الجمهوري ستيف كينج الذي يعد أبرز معارضي الهجرة مع ترامب، أظهر استطلاع رأي في الآونة الأخيرة أن 62% من الناخبين يفضلون اتباع طريق للحصول على الجنسية لا يقتصر على الحالمين. والأسابيع القليلة المقبلة قد تتمخض عن خطة يربح فيها الجميع. وما لم يحدث هذا، سيعيش مئات الآلاف من الحالمين الصغار في خوف من الترحيل ولن يخرج المدافعون عن الهجرة بشيء وسيُمنى الجمهوريون بهزيمة سياسية ولن يبقى لدى ترامب إلا التهديد والوعيد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»