بعد مرور 46 سنة من العمل المستمر على النهوض بواقع المجتمع الإماراتي ومؤسساته الوطنية، يحتفل اليوم المجلس الوطني الاتحادي بذكرى تأسيسه على يد الرعيل الأول من بناة دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلين في الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، رحمهم الله، حيث عملوا على إتاحة الفرصة للمجلس للعمل جنباً إلى جنب مع مختلف مؤسسات الدولة الفتية، فلعب دور الجهاز التشريعي المكمل للعمل التنفيذي الذي تقوم به مختلف أجهزة الحكومة لخدمة المواطن ورعاية مصالحه، وقد أسهمت تلك المسيرة الممتدة لأكثر من أربعة عقود في الرفع من قدرة المجلس، وتمكينه من الاضطلاع بدوره بفاعلية كبيرة في تمثيل الشعب، وترجمة فلسفة الاتحاد إلى واقع ملموس يقوم على تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في البناء والتطوير والإنجاز، وذلك من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية والبرلمانية، فكان من نتيجة ذلك أن قدم أفضل أداء برلماني خلال مسيرته الماضية، ولا يزال يلعب الدور نفسه في الحاضر، ويخطط لإنجاز المزيد في المستقبل. كما يعكس المجلس من جهة أخرى تمسك القادة المؤسسين للدولة بالأسس التي تقوم عليها الكيانات السياسية والاجتماعية من سنة التشاور والاحتكام إلى الرأي، استناداً إلى المرجعية الدينية والأخلاقية والثقافية للمجتمع الإماراتي، وهي مرجعية أساسية تحكم طبيعة العلاقة بين القيادة والشعب في الإمارات. وبناءً على تلك العلاقة، تقوم اليوم كل الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية داخل الدولة بدورها بكل تفانٍ وشفافية، وهو ما جعل الإمارات اليوم رمزاً لدولةِ القانون والمؤسسات وتعزيز نهج الشورى ومشاركة المواطنين في صنع القرار، ما عزز قيم الولاء والانتماء والتلاحم الوطني، ودفع الجميع إلى التفاني في خدمة مشروع النهضة التي تتطلع إليها القيادة الحكيمة. لقد حظي المجلس الوطني الاتحادي منذ عقد جلساته الأولى مطلع السبعينيات بدعم لا محدود من قبل المغفور له، بإذن الله تعالى، القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وذلك من منطلق حرصه على إشراك أبناء الإمارات في بناء دولتهم الفتية، كل طرف بحسب موقعه وقدرته على العطاء، وهو ما تطلب حينها، وضع آلية لتحميل الجميع جزءاً من مسؤوليات العمل الوطني بترسيخ مبدأ التشاور والتواصل المستمر بين أفراد الشعب وممثليهم في المجلس من جهة وبين السلطة التنفيذية من جهة أخرى. وهي مسؤوليات تطورت واتسعت مع تطور المكانة المحلية والإقليمية والدولية لدولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وبقية أصحاب السمو حكام الإمارات. من هنا اتسع المجلس الوطني الاتحادي وتعددت أدواره واتسعت صلاحياته، بعد التعديلات الدستورية التي عرفها سنة 2009، لتأتي بعدها القرارات اللاحقة التي أعلنها رئيس الدولة، حفظه الله، وأسهمت في توسيع صلاحيات المجلس، ما أسفر عن زيادة أعداد هيئاته الانتخابية وتمكنه من ممارسة اختصاصاته الدستورية وتطوير آليات عمله وفق الاستراتيجية البرلمانية للأعوام من 2016 إلى 2021، فنجم عن ذلك قيام المجلس بالعديد من الأدوار البارزة في معظم التحولات الإيجابية التي عرفتها الإمارات خلال الأعوام الأخيرة. ومن بين أبرز الخطوات التي قام بها المجلس؛ دعم مشاركة المرأة الإماراتية في الحياة السياسية والعمل البرلماني، وتحقيقه ريادة عالمية باستضافته «القمة العالمية لرئيسات البرلمانات» في ديسمبر 2016، وهي التي توجت بصدور «إعلان أبوظبي» الداعي إلى تعزيز التسامح والأمن ودعم آليات التواصل بين البرلمانات والشعوب عبر تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات ووسائل الإعلام الاجتماعي، إضافة إلى دور المجلس الوطني الاتحادي على صعيد الدبلوماسية البرلمانية العالمية والمطالبة بتفعيل دورها في مكافحة الإرهاب والتطرف، فضلاً عن دوره التقليدي في رقابة أداء الحكومة، ومساءلة ممثلي الحكومة حول القضايا التي لها علاقة مباشرة بشؤون الوطن والمواطن. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية