على مدار عقود، دافع الحزب «الجمهوري» عن فكرة الحكومة الصغيرة، وشنّ حرباً على فكرة «المجتمع العظيم»، التي أطلقها الرئيس «ليندون جونسون»، وهي مجموعة من البرامج المحلية للإنفاق على التعليم والرعاية الصحية وغيرها، وقد استند «الجمهوريون» في ذلك على حجج دستورية وفلسفية واقتصادية. وقد كان دائماً من الزائف قول إنه ليس ثمة رغبة لدى الشعب في تشكيل حكومة موسّعة على نمط ما قبل أجندة «العهد الجديد» التي وضعها «فرانكلين روزفلت»، ومن الناحية العملية، تحتاج الآن دولة يقطنها أكثر من 300 مليون إنسان، ولديها اقتصاد عالمي، وتواجه تهديدات دولية متعددة الأوجه، إلى حكومة بحجم مختلف تماماً ومدى أكبر مما كانت تتطلبه في عامي 1920 أو 1960. ولطالما أحبت الجماهير المؤيدة لتعديل «الموازنة المتوازنة» فكرة العمل من دون عجز مالي، ولكن لم ترغب أبداً في زيادة الضرائب أو تقليص الحكومة. ولكن من المفارقة أنه بمجرد تمرير قانون الإصلاح الضريبي، ومن ثم تخفيضات ضريبية بقيمة 1.5 تريليون دولار، لم يتحدث الكونجرس الذي يسيطر عليه الحزب «الجمهوري» أو الرئيس «الجمهوري» نفسه عن التشدد المالي، وخصوصاً عن قانون السيطرة على الموازنة. وبعد أن فرغ صقور المالية من مهمتهم، لم يعد هناك حديث عن حجج «عدم القدرة على تحمل» البرامج المحلية التي تحتاج إلى مليارات الدولارات. وفي هذه الأثناء، بدأت مجموعة كبيرة من صقور الجيش، الذين يواجهون تحديات دولية متزايدة، في الحديث صراحة أن الدفاع كان في صدارة أولويات الإنفاق الحكومية، وإذا كانت هناك حاجة لتخفيض الإنفاق على أي قطاع، أو حتى التخلي عن التخفيضات الضريبية، فليكن ذلك إذن! وبإيجاز، وفي ظل عدم وجود رغبة شعبية في حكومة مصغرة، وهيمنة المانحين وقطاع الأعمال، الذين كانوا قوة دافعة وراء التخفيضات الضريبية، وتمرير تدابير الضرائب والإنفاق، يبدو الحزب «الجمهوري» الآن ملتزماً بحكومة كبيرة جداً، ومن ثم فقد أصبح النقاش منصباً على كيفية وسبل إنفاق الموازنة، وليس خفض العجز. وعلى رغم ذلك، أكد «لاري سمرز» وبعض خبراء الاقتصاد من يسار الوسط، قبل بضعة أشهر، أننا بحاجة إلى مزيد من الإيرادات في المستقبل القريب، وكتب «باول فان دي ووتر» من مركز «الموازنة والأولويات السياسية» أنه: «لابد من زيادة الإنفاق والإيرادات بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة من أجل تمكين الحكومة الفيدرالية من الاستمرار في تنفيذ مهامها الحالية التي يؤيدها الجمهور على نحو واسع النطاق». ولكن: ما هي التكلفة؟ وكم يمكن أن نتحمل من ديون؟ وكم يمكن أن نرحل من ديون ليتحملها أبناؤنا؟ جينفر روبن محللة سياسية أميركية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»