كمشارك في «خلوة مستقبل الإعلام الإماراتي»، التي نظمها المجلس الوطني للإعلام، أجد أن هناك روحاً جديدة تسري في الإعلام الإماراتي بفضل القيادة الشابة للمجلس، فبالرغم مما تحقق في مؤسساتنا الإعلامية عبر العقود الماضية إلا أننا وصلنا حديثاً إلى قناعة أن واقع الإعلام الإماراتي لا يناسب المنجزات التي تحققت على أرض الوطن، ولا يرضي قيادتنا الرشيدة، فقد حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، جانباً من جلسات العصف الذهني لخلوة «مستقبل الإعلام الإماراتي»، وقال لابد للإعلام الإماراتي أن يكون الأول، وذكر سموه أن الشفافية أساس الإعلام الناجح، ومن جانبه قال معالي الدكتور سلطان الجابر خلال كلمته التي افتتح بها فعاليات العصف الذهني في الخلوة إن لدى المجلس الوطني للإعلام قناعة راسخة بأن الخلوة منصة مثالية لتبادل الآراء والأفكار ومناقشة الفرص والتحديات لتقييم الذات وتحديد مجالات التحسين والتطوير وتمكين قطاع الإعلام والعاملين فيه من مؤسسات وأفراد من أهم أدوار ومهام المجلس الوطني للإعلام إلى جانب تعزيز سمعة ومكانة الدولة محلياً وإقليمياً، ومن أهم ما ركز عليه معاليه في كلمته أن الإمارات تقود العالم في عدة مجالات، ويجب علينا أن نطمح لقيادة العالم في مجال الإعلام الحديث. الإعلام له دور مهم في المجتمعات، فأجمل وصف له أنه القوة الناعمة التي تقود المجتمع لتحقيق الأهداف الوطنية عبر وسائطه المتعددة، كما أن للإعلام رسالة موجهة للخارج، تتلخص في أن للإمارات منجزات بإمكان العرب الاستفادة منها، ورسالتنا للعالم أن التجارب العربية لا تتلخص في الفشل، لكن هناك نماذج لنجاح قد تحقق على أرض الوطن، فلماذا لم يتمكن الإعلام الإماراتي من تحقيق هذه الأهداف؟ هذا السؤال كان مطروحاً على طاولة العصف الذهني، لا أستطيع تلخيص كل ما ذُكر لكن العوامل الأساسية كانت تتلخص في كلمة القوة. فالإعلام المؤثر يتميز بالقوة، وهي كلمة شاملة لمعان كثيرة منها الجرأة فالإعلام الذي يخاف لن يحقق الأهداف، وكيف تتحقق الجرأة؟ هناك عوامل كثيرة منها تخصص مقدمي البرامج ومهنيتهم، هناك مذيعون يجيدون قراة النص المكتوب لهم، هؤلاء لهم أدوار في الإعلام، لكن قوة طرح مقدم البرامج تتلخص في تمكنه من المادة المطروحة، فقضايا السياسة ومجرياتها لا ينبغي أن يتعرض لها صحفي غير متخصص أو مقدم برامج ثقافته محدودة، هذا إن أردنا أن نتعامل مع المشاهد بلغة الذكاء المطلوبة في الإعلام المؤثر. في العالم العربي هناك إعلاميون يفترضون الغباء في الُمشاهد العربي، ويعتقدون أن العرب يصدقون ما يلقون عليهم، هؤلاء لن يكون لهم مكانة تذكر في الإعلام الذي يحقق الأهداف، لذلك نجد أن العربي الذكي قد فر من الإعلام التقليدي إلى وسائط جديدة فكان كالمستجير من الرمضاء بالنار، فساحة الإعلام الجديدة بها الغث والسمين، وكل ينال منها حسب عقله ومنطقه. البعد الثاني في قوة الإعلام يتلخص في السرعة والمرونة، كلنا يدرك أن متغيرات الحياة أضحت متسارعة، وكلما كان الإعلام بطيئاً في ردة فعله كلما ابتعد عنه الناس إلى الوسائل الأخرى، لم يعد المتابع للإعلام قادراً على انتظار طباعة الصحيفة أو نشرة الأخبار ذات الوقت المحدد، فأجهزة الإعلام مطالبة الْيَوْمَ بأن تكون مع الحدث وقت وقوعه، بل إن أردنا إعلاماً مؤثراً نحن بحاجة إلى أجهزة إعلام تسابق الحدث وتتوقع مجرياته، أن لا يكون إعلامنا عبارة عن ردة فعل مؤقتة، عندها فقط نستطيع أن نقول إن الإعلام تمكن من أن يكون قوة ناعمة مؤثرة بصورة إيجابية في مجريات الحياة في الدول العربية.