قدمت قطر طوال الشهور الماضية إثباتات كثيرة تدينها وتدفع الآخرين إلى رفع درجة الحذر واليقظة تجاه النوايا التي تبيتها والأوراق البائسة التي تستعيرها، وآخرها ورقة تدويل الأماكن المقدسة التي لطالما كانت المفضلة لدى إيران، رغم فشلها وتحولها إلى شعار مستهلك لا يجدي ولا يمثل سوى دليل على الحقد الإيراني الطائفي ضد السعودية والخليج عموماً. حتى الآن لا تملك الدوحة ما تفعله سوى أن تتحول إلى قفاز لإيران وللعصابات الإرهابية التي تدعمها، ويوماً بعد آخر طوال فترة المقاطعة المستحقة ضدها مارست قطر ألاعيب كثيرة جعلت منها عدواً مكشوفاً للأمن القومي الخليجي، وبإضافتها ورقة «تدويل الحرمين» أصبحت الدوحة شوكة مسمومة يستخدمها الإيرانيون والإرهابيون من مختلف التنظيمات لتنفيذ أجندات مشبوهة لزعزعة استقرار المنطقة. السلوك القطري في هذا المنحى يكشف أن الدوحة عملت بإخلاص شيطاني على استعارة كل التفاصيل والخطط التخريبية المرتبطة بالسيناريو الإيراني المعادي للخليج العربي، وربما تحتاج الدوحة إلى من يذكرها بأن قيامها بجس النبض لمعرفة مدى مقدرتها على استخدام ورقة تدويل الحرمين لن ينجح ولن تكون له سوى نتيجة عكسية تحشر قطر أكثر مما سبق في مربع الخيانة والعدوان. فورقة تدويل الحرمين تتعلق بطموح انتهازي إيراني سبق أن فشل منذ عقود وأدى إلى تكاتف العالم الإسلامي ضد التطرف الشعوبي الفارسي، كما أدى ذلك الحقد الإيراني الذي تحاول قطر إعادة استنساخه وتوظيفه إلى تسليط الأضواء مجدداً على أدوار وجهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج ورعايتها الكريمة للحرمين الشريفين من خلال إمكانيات لن يقدر على تقديمها والقيام بها أحد سوى المملكة. المفارقة أن قطر التي ترفض التوقف عن دعم ورعاية الإرهاب بمبرر الدفاع عن خياراتها السيادية، تقوم وبإيعاز إيراني مفضوح بمنح نفسها الحق في التطاول على سيادة الآخرين. ومن خلال رصد الأصداء الغاضبة خليجياً وعربياً وإسلامياً تجاه وقاحة قطر في فتح ملف «تدويل الحرمين»، من المهم تقديم نصيحة أخيرة للدوحة، إذ يجب أن تعلم أن فتحها لهذا الملف الخطير لن يجعل سقف الأزمة معها يبقى مستقبلاً في نطاق التريث وتخييرها بين تنفيذ المطالب القانونية المشروعة أو مقاطعتها من قبل دول الإقليم، لأن الرد المناسب على تصرفات الدوحة الأخيرة مشروع وسوف يكون متوائماً مع طبيعة عبثها الذي ربما لا تدرك خطورته حتى الآن! فالتحركات القطرية الأخيرة المرتبطة بتصعيد موضوع تدويل الحرمين تفتح أبواب الجحيم على قطر نفسها، ولا ينبغي أن تظن الدوحة أنها قادرة على انتهاك سيادة الآخرين وإقلاق أمنهم من دون أن تلقى الجزاء الرادع، ولن يفيد قطر الإنكار والسعي المتأخر لاختراع أدلة لتبرئة إعلامها من إثارة ملف التدويل، فقد اعتاد النظام الإيراني استخدام مواسم الحج لبث الكراهية الطائفية، وقامت قطر باستنساخ الأسلوب ذاته، لكن عبر وسائل إعلامها، فماذا بعد أن اشتركت كل المنابر القطرية المقروءة والمرئية في ترويج خبر تأسيس هيئة مزعومة لمراقبة إدارة الحرمين والمشاعر المقدسة؟ وبتأمل مجمل تصرفات قطر منذ بداية أزمتها مع محيطها الخليجي، يتضح للمتابع أن حجم قطر ليس صغيراً فقط في المساحة، بل إنها صغيرة أيضاً في خياراتها السياسية المعتمدة على المكايدة والمكابرة، بحثاً عن فرص لتعميق الأزمات، وهي التي طالما حاولت الهروب إلى الأمام والاستمرار في تأجير ثرواتها لمشروعات تنظيمية مشبوهة تخدم الإرهاب وجناحه السياسي المهيمن على الإعلام القطري. وفي دلالة أخرى على ضآلة وحماقة دبلوماسية قطر وصغر أهداف سياستها الخارجية المدفوعة بحقد وعدوانية مفرطين، قدمت الدوحة شكوى رسمية لمتحف اللوفر بباريس، مستغلة موقفاً بسيطاً وغير مقصود، يتمثل في خطأ فني تم تلافيه وتصحيحه بالفعل، عندما لم يظهر اسم قطر في خريطة عرضت في لوفر أبوظبي. وكشف رد فعل الدوحة المتسرع تجاه ذلك الخطأ الفني العابر سعيها للجري بتوتر وراء الأمور الهامشية الصغيرة، مما يدل على أن مشكلة قطر بدورها صغيرة جداً، بالقياس إلى درجة حماقاتها وسعيها لاختلاق الأزمات وتعاطيها مع جيرانها بسلوك عصابة لا دولة.