تريد أقلية قليلة من طلبتي التعرف على تاريخ الولايات المتحدة بطريقة معينة فقط: قصة أوروبيين فروا من الاضطهاد السياسي والقمع الديني إلى برية «العالم الجديد»، ليبنوا أعظم دولة هيمنت على العالم بجيشها ورأسماليتها وديمقراطيتها. والحال أن التاريخ الأميركي هو أيضاً تاريخ العنصرية الحديثة، فالأميركيون الأصليون كان عددهم يتراوح بين 10 ملايين و15 مليون نسمة في «أميركا الشمالية البريطانية» في عهد مستوطنة جيمس تاون في 1607، لكن الأمراض والحروب والمجاعة.. قلصت هذا العدد بـ90%، كما استُخدم المهاجرون البيض والأفارقة الغربيون في السخرة لجعل المستوطنات مربحة عبر زراعة التبغ والقطن، وأخيراً، تم التنصيص على العلاقة بين البشرة الأفريقية والعبودية ضمن قوانين الولايات والدستور الأميركي، ثم جعلت أرباحُ العبودية ومنتجاتها التصنيعَ ممكناً وزودت الغرب كله بالقطن الذي سيخلق الرأسمالية الحديثة، وهذا النظام المتناقض جداً مع المثل الأميركية، هو ما أدى إلى حرب أهلية أسفرت عن قتل وجرح 1.1 مليون جندي ومدني وبحار. على أن هذا هو التاريخ الأميركي حتى 1865 فقط، ذلك أن ثمة أيضاً «إزالة الهنود»، وسرقة الأراضي من الأميركيين المكسيكيين في الغرب الجنوبي، والمهاجرين الأوروبيين الجنوبيين والشرقيين، وفكرة أن الوافدين الجدد الأيرلنديين والإيطاليين والبولنديين ليسوا بيضاً (العنصرية العلمية)، والتمييز ضد السود، وأعمال السحل، والشغب العرقي، وهجرة السود، والهجرة المكسيكية، وإدماج المنحدرين من العرق الأبيض، و«نهضة هارلم»، وحركة الحقوق المدنية. إن العرق عامل أساسي محدد لكيفية عيش الأميركيين، وتصويتهم، ولمحاولات الساسة تقسيم الدوائر الانتخابية وهندستها على نحو يخدم مصالحهم في ولايتي كارولاينا الشمالية وبنسلفانيا، كما أن العرق مهم للغاية بالنسبة لكل جانب من الحياة الأميركية. إن جهلاً عاماً بتاريخ العنصرية في أميركا ليس سوى جزء من المشكلة، فالأمر يتعلق أيضاً برغبة كثير من الأميركيين في تجاهل هذا التاريخ، وفي رؤية أميركا بطريقة واحدة فقط. دونالد أرل كولينز أستاذ التاريخ بجامعة ميريلاند يونيفرسيتي كوليدج الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»