إحياءً للموروث الثري للوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في «عام زايد»، لا تألو القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، جهداً في توفير كل سبل الدعم للنشاط الثقافي بالدولة وتشجيع المشاريع والمبادرات الرامية إلى تعزيز المنتج الثقافي، والارتقاء بمكانة الإمارات في المجال الثقافي إقليمياً وعالمياً، وفي هذا الإطار وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بإطلاق «صندوق التنمية الثقافية» بدولة الإمارات، كما وجّه سموه بإطلاق «مؤشر مساهمة الصناعات الإبداعية» في الناتج الإجمالي المحلي للدولة، لتحديد مدى مساهمة قطاع الثقافة بمختلف مساراته وتخصصاته في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية، إذ تمثل الصناعات الإبداعية مصدراً مهماً من مصادر الدخل، لاسيما للدول التي ترعى الإبداع كدولة الإمارات. وقد جاء ذلك خلال حضور سموه جانباً من «خلوة مستقبل الثقافة» التي نظمتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة مؤخراً في متحف اللوفر-أبوظبي، التي تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة، بحضور كبار الشخصيات ورموز الثقافة الذين وجدوا في مخرجاتها آليات فعالة كفيلة بتعزيز التنمية الثقافية، وتطوير المنتج المعرفي الإماراتي والارتقاء به، حيث ناقشت الخلوة واقع العمل الثقافي بالدولة وتعزيز الإبداع والابتكار في الثقافة، ودعم المواهب الوطنية، بهدف رسم ملامح مستقبل المشهد الثقافي الوطني، والوقوف على التحديات الراهنة، وأثمرت عن توصيات عدة تدعم العمل الثقافي وتعكس اهتمام وشغف القيادة الإماراتية بالتنمية المعرفية التي هي ركيزة الحضارة والسبيل للارتقاء بالإنسان. وتأكيداً لإيمان الدولة بأهمية النشاط الثقافي، وترسيخاً لما تحمله الثقافة في طياتها من قيم التسامح والتعايش التي قدمت فيها الإمارات نموذجاً يحتذى به، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «ثقافتنا هي هوية أجيالنا وعمق لتاريخنا ورسالة للعالم، نريد أن ننقلها بطرق أكثر إبداعاً.. ثقافتنا الإماراتية تحمل روح المحبة والتسامح، وتدعو للانفتاح على الآخر، وتستمد روحها وهويتها من الحضارة العربية والإسلامية». وأضاف سموه: «الاقتصاد والثقافة والسياسة مكونات تمتزج لتشكل أُمّة.. وتبني دولة.. ولا غنى لتطورنا ونهضتنا عن ثقافة راسخة منفتحة ومتطلعة للمستقبل». ومن منطلق الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة للدولة للحفاظ على اللغة العربية، كونها أحد أهم مكونات الوعاء الثقافي الإماراتي، واللغة الوطنية التي تعبر عن حضارة الدولة وهويتها الوطنية وتعكس خصوصيتها الثقافية والحضارية والمجتمعية، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الخلوة، أن «عمود ثقافتنا اللغة العربية.. ولا يمكن تنمية معرفتنا وترسيخ هويتنا وتطوير ثقافتنا إذا ابتعدنا عنها». وتضمنت الخلوة جلسة خاصة باللغة العربية وركزت توصياتها على إيجاد المبادرات الداعمة للمحتوى العربي الرقمي، وتعزيز مكانة لغة الضاد في عصر التقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تعزيز مكانة الكتاب الإماراتي ضمن القوائم العالمية للكتب المترجمة. لطالما آمنت دولة الإمارات قيادة وشعباً بأن الثقافة هي نواة التقدم، ففي مثل هذا العصر، كيف يمكن لأمة لا تمتلك إرثاً ثقافياً ولا ينتهج شعبها سلوكاً ثقافياً وحضارياً متطوراً أن تتقدم وترتقي، فتأسيس بيئة ثقافية متطورة قادرة على استيعاب ومواكبة التطور الحضاري المتسارع الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة على مختلف الصعد، لم يعد أمراً تكميلياً، فعملية التطوير الثقافي والمعرفي مطلب أساسي تأتي في مقدمة ركائز التنمية الشاملة، التي يمثل بناء الإنسان الواعي والمثقف عمادها الرئيسي، وتأكيداً لذلك قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن سعينا نحو ريادة المستقبل وحرصنا على أن نكون في مصاف أكثر الدول تقدماً لا يكتمل إلا بتعزيز رصيدنا الثقافي وتوظيفه التوظيف الأمثل وتطويره.. نريد ثقافة جوهرها الإبداع ونهجها الابتكار». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية