أعلنت الحكومة الهندية الأسبوع الماضي أن ثمة أكثر من 63 مليون أنثى «مفقودة» من سكانها! وأن مليوني امرأة «تُفقد» عبر كل الفئات العمرية كل سنة بسبب إجهاض الأجنة الإناث، والمرض، والإهمال، والتغذية غير الكافية. كما أن ثمة أيضاً 21 مليون فتاة غير مرغوب فيها، حسب الحكومة. وتقديرات 2017-2018، التي أُفرج عنها في إطار المسح الاقتصادي السنوي للبلاد، عزّزت وأيّدت عمل الباحثين والعلماء الاجتماعيين، الذين يعتبرون أن عقوداً من تفضيل الابن الذكر في الهند، وسياسة «الطفل الواحد» في الصين، خلقت في كلتا الحالتين فقاعة ديمغرافية وخللاً «جندرياً» من صنع البشر يفوق فيها عدد الذكور عدد الإناث بكثير -يشار هنا إلى أن من هم دون ال25 عاماً يبلغون 50 مليوناً- في البلدين وقد تكون لها تأثيرات طويلة المدى على معدلات الجريمة، والاتجار في البشر، وإجمال معدل الادخار، وقدرة هذا الفائض من الذكور على إيجاد عرائس. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال كبير مستشاري الحكومة الاقتصاديين آرفيند سابرامانيان في فعالية إخبارية يوم الاثنين: «إننا نعلم أن نسبة الإناث مقارنة مع الذكور في الهند مختلة جداً»، لافتاً إلى أن الدراسة أكدت أن لدى الهنود تفضيلًا للابن، ما يعني أنهم إذا رُزقوا بفتيات فإنهم يواصلون إنجاب الأطفال إلى أن يحصلوا على ولد، وهو ما أدى إلى ما يقدّر ب21 مليون فتاة «غير مرغوب فيها» في الهند، وهن فتيات كثيراً ما يحصلن على تغذية وتعليم أقل من أشقائهن. والدراسة، التي تركز على أرقام 2015-2016، أظهرت أن نسبة الإناث مقارنة بالذكور في ولايات مختلفة في الهند قد تدهورت حتى مع تحسن المداخيل. يذكر هنا أنه لطالما حاجج علماء الاجتماع بأن تفضيل الابن الذكر في الهند لا يحدث في العائلات الريفية الفقيرة فحسب، ولكن أيضاً في الطبقتين المتوسطة والمتوسطة العليا حيث تقضي التقاليد بأن يواصل الابن تجارة العائلة أو يرث أملاكها، وإنْ كانت البنت تستطيع فعل ذلك أيضاً، من الناحية القانونية. وتقول الدراسة: «إن المجال الذي ربما يتعين على المجتمع الهندي التفكير فيه أكثر من غيره -وهذا أمر يتجاوز الحكومات إلى المجتمع المدني والمجتمعات المحلية والأسر- هو ما يمكن تسميته بتفضيل الابن حيث يتضح أن التنمية ليست وحدها علاجاً له»، بل لابد له أيضاً من مقاربة ثقافية جذرية. -------------- آني جوين* * مديرة مكتب «واشنطن بوست» في نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»