بعد صدور تقارير بشأن سعي الرئيس دونالد ترامب إلى إقالة المستشار الخاص «روبرت مولر» الصيف الماضي، جدّد المشرعون رغبتهم في سنّ تشريع من شأنه حماية «مولر» بإخضاع أي قرار إقالة لأي مستشار خاص لمراجعة هيئة قضائية. ورغم أن تلك المقترحات يمكن تفهمها، لكنها تبدو أيضاً خاطئة. فهم يحاولون إبعاد السياسة عن تطبيق القانون، لكن التهديد الذي يواجهه «مولر» هو مشكلة سياسية لا مفر منها، وتقتضي حلاً سياسياً. وسيطرة الرئيس على المدعين الفيدراليين أداة لا استغناء عنها لحماية الحريات المدنية. وعرقلة هذه السلطة ليست حلاً لانتهاكها المحتمل. لكن المحاسبة يمكن أن تكون حلاً، وسيكون الوثوق بالرؤساء في أداء مهامهم أكثر أماناً بكثير من استعادة الكونجرس لتلك الصلاحية والانفراد بها. وبالطبع، تبدو محاولة الرئيس ترامب إقالة «مولر» الذي يحظى باحترام واسع النطاق، قصة هزلية، ولا سيما أنها تنطوي على زعم تعارض المصالح بسبب نزاع مفترض على رسوم في أحد نوادي الجولف المملوكة لترامب. غير أنه ثمة سبب لسيطرة الرئيس على الادعاء الفيدرالي، فمن دون ذلك، نجازف بوجود مدعين جامحين. وإن كان الرؤساء وحاشيتهم يمكن أن يكونوا أهدافاً لا يتعاطف أحد معها، إلا أن المدعين يمكنهم أيضاً مضايقة مدعى عليهم ضعفاء من خارج السلطة. ويعني ذلك أن السيطرة على المدعين، كما هي سلطة العفو، أداة رئاسية للحفاظ على الحريات الدستورية. وذات مرة، وصف الرئيس الرابع للولايات المتحدة «جيمس ماديسون» تركيز الصلاحيات المنفصلة للحكومة في يد واحدها بأنها «التعريف الدقيق للطغيان». ولا شك في أن السيطرة الرئاسية على المدعين الفيدراليين يمكن أن تكون أيضاً عرضة للانتهاك، وتحتاج جهات إنفاذ القانون بالفعل إلى درجة من الاستقلالية عن مجريات السياسة العادية. لكن ذلك الاستقلال يجب الحفاظ عليه من خلال الرقابة الدستورية بين الرئيس والكونجرس. ومن المفهوم أن الرؤساء مثل الصحافة، فوسائل الإعلام لا يمكن منعها قبل النشر، لكن من الممكن أن تتحمل مسؤولية انتهاكها لمبادئ حريتها. ومن بين وسائل محاسبة الرئيس سلطة الكونجرس في إجراء تحقيقات، والتي عادة ما تفضي إلى إحالات جنائية، وفي كثير من الحالات، إلى سحب الثقة. ولعل التعامل الحزبي للكونجرس مع إجراء التحقيقات، وخوفه المفرط من سحب الثقة، لهما علاقة بالسماح بالتجاوزات الرئاسية أكثر من مجرد وجود صلاحيات للسلطة التنفيذية فوق جهات إنفاذ القانون. وبالطبع، هناك أبعاد لتحقيق «مولر» قد تكون جنائية وليست سياسية في طبيعتها، وأن نقول إن المشكلة التي يحقق فيها «مولر» سياسية في جوهرها لا يعني إنكار بعدها القانوني. والمقصود أنها تتضمن رأياً سياسياً للرئيس الذي يخضع للرأي السياسي للكونجرس. وإذا انتهك الرئيس تقديره بشأن جهة الادعاء الفيدرالي، فإن الدستور يسمح للكونجرس، وليس لخبراء مستقلين، بتطبيق المحاسبة. ويمكن للكونجرس منع أي انتهاك بإظهار أنه راغب في استخدام صلاحيات المعاقبة الكثيرة التي تخضع لتقديره. وهذه المعركة الدستورية سياسية في المقام الأول، لكن من المفهوم أن السياسة ليست سماً من شأنه تلويث تحقيق «مولر»، وإنما «منشط» يجب أخذه بجرعات أكبر! جريج وينر: أستاذ مساعد في العلوم السياسية بكلية «أسامبشن» الأميركية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»