دعوني أقدم هنا اختباراً من ثلاث نقاط يكشف مدى واقعية أية خطة للبنية التحتية، وفق المعايير المعتادة في أميركا. أولًا: هل تقدم الخطة دعماً حقيقياً للصالح العام؟ ثانياً: هل تصميمها التمويلي ينقل المسؤولية الاتحادية التاريخية للاستثمار العام إلى الولايات والمستثمرين في القطاع الخاص؟ ثالثاً: هل التقليص في الميزانية يأتي على حساب البرامج التي تدعم الأسر منخفضة الدخل؟ لم نحصل تقريباً على تفاصيل في خطاب حالة الاتحاد الذي أُلقي مساء الثلاثاء، ولكن بناء على ما نعرفه، فإن خطة الرئيس دونالد ترامب للبنية التحتية تفشل في هذا الاختبار. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى: على رغم أن الرئيس أشار إلى تخصيص 1.5 تريليون دولار للبنية التحتية في خطاب الاتحاد مساء الثلاثاء، فقد حذرت ورقة بحثية جديدة من المحلل السياسي جاكوب ليبنلوفت من أن «الالتزام الاتحادي الفعلي لن يكون إلا جزءاً صغيراً من هذا المبلغ، وقد يُوجه بشكل سيئ». ولاحظوا أن ترامب دعا الكونجرس إلى ألا يخصص 1.5 تريليون بل يقدم مشروع قانون «يولد» هذا المبلغ! والواقع أن ميزانية الإدارة لعام 2018 تطرح تقليصات كبيرة في الإنفاق على النقل. فقد نقل ليبنلوفت، على سبيل المثال، تصريحات صدرت في الآونة الأخيرة عن مسؤولين من الإدارة تدافع عن مدفوعات تتضمن خفضاً في النقل الجماعي وشركة السكك الحديدية مما يعني عدم وجود إضافات صافية، هذا إن لم تكن هناك خسائر صافية. وفي النقطة الثانية: تشير كل الدلائل إلى نظام في التمويل يقلص ويسيء توجيه الاستثمارات العامة من خلال إبعاد عملية الإنفاق عن الحكومة الاتحادية. ويرى ليبنلوفت أن «مسودة مسربة من خطة البيت الأبيض وتصريحات سابقة للإدارة تقدم مسوغاً قوياً لأن نقلق من أن خطة ترامب لن تدعم مشروعات كثيرة مطلوبة، بينما تنقل تغطية الكلفة إلى الولايات والمحليات والأفراد، ومن المحتمل أن تقدم فرصاً لمكاسب القطاع الخاص المربح». ودعوني أتوقف عند هذه النقطة قليلًا لأن فيها جانباً لم يحظ بالاهتمام الكافي حتى من منتقدي الخطة كما نعرفها. ويشير ليبنلوفت إلى أنه بناء على المسودة المسربة فإن النصيب الاتحادي من المشروعات لن يتجاوز 20 في المئة. وقال ليبنلوفت إن «الغرض الأساسي من هذه المبادرة هو العثور على شخص آخر يقدم معظم العائدات المطلوبة لبناء بنية تحتية جديدة». وبالتالي يكون الشخص الآخر هو الولايات والمحليات. وكما قال ترامب مساء الثلاثاء فإن «كل دولار اتحادي يجب أن يستثمر بالشراكة مع حكومات الولايات والمحليات وبالاعتماد، إذا سمحت الظروف، على استثمارات القطاع الخاص». وإلى جانب إلغاء الدور الحيوي للحكومة الاتحادية في دعم البنية التحتية في الولايات والمحليات، دعونا نبحث تأثير خطة الضرائب التي أقرت في الآونة الأخيرة على هذه الاستراتيجية في التمويل. لكن مع خفض مقدار الضرائب الاتحادية بشكل كبير ستواجه الولايات وقتاً أصعب بكثير في جمع عائدات دعم البنية التحتية أو أي شيء آخر. وبعبارة أخرى، ينقل ترامب والجمهوريون مهمة الإنفاق على البنية التحتية إلى الولايات، وفي الوقت نفسه يقلصون قدرتها على جمع العائدات. ويرى ليبنلوفت أنه «إذا تعين على كيان آخر أن يدفع 80 في المئة على الأقل من تكلفة مشروع ما، فإن الإدارة تتخلى فعلياً عن العثور على طريقة تحصل بها على عائدات تمول بها مشروعات البنية التحتية الجديدة. ونتيجة لهذا، فإن أي زعم بأن الخطة تدعم قدراً معيناً من استثمارات البنية التحتية يبدو أبعد ما يكون عن الواقع، ويتجاهل أن الاستثمار لن يحدث إلا إذا كانت الولايات والمدن والأفراد راغبين في الدفع وقادرين عليه». وأخيراً، كشف الجمهوريون بالفعل عن عدم مبالاتهم بالعجز في الموازنة. وتقليص الضرائب الذي يحابي الأغنياء سيزيد العجز في الموازنة، ويتعين سداد الإنفاق من التقليص في البرامج التي تساعد أصحاب الأوضاع الاقتصادية الهشة. وثلثا التقليص في الإنفاق في ميزانية ترامب -ويبلغ 2.5 تريليون دولار على مدار عشر سنوات- يأتي من برامج تساعد أصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة. وتتعين علينا مراقبة التفاصيل في الأسابيع المقبلة، ومن السهل أن نغرق في التفاصيل، ولكن هناك طريقة بسيطة للغاية لفهم ما يجري. فمنذ أن تولى ترامب المنصب وهو يتجاهل ناخبي الطبقة العاملة الذين صعدوا به إلى السلطة، والحزب الجمهوري يتخذ قرارات سياسية تستهدف تقليص الحكومة وتقليص الضرائب على مانحيه الأثرياء. وعلى رغم أن ترامب حاول يوم الثلاثاء الماضي طمس هذا الواقع، إلا أن خطة البنية التحتية تناسب تماماًً هذا التوجه. ومع الأخذ في الاعتبار الحاجة العميقة والمتزايدة للاستثمارات في الطرق والجسور وقطارات الأنفاق ومياه الشرب الآمنة والمدارس العامة وغيرها فإن هذا خطأ خطير وطويل الأمد ومكلف. جاريد بيرنشتاين: كبير المستشارين الاقتصاديين السابق لنائب الرئيس جو بايدن وزميل بارز في مركز الميزانية وأولويات السياسة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»