يمر هذا الأسبوع عام على وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير سنة 2017. ما الإيجابي بعد عام من الحالة الأميركية والعالمية وفي ظل سيطرة صورة تزداد قتامة؟ بعد أن هدأت جزئياً الزوبعة التي أثارها «ما يكل وولف» منذ أسبوعين في كتابه «نار وغضب»، الذي يزيح فيه الستار عن حالة من الفوضى والارتباك تسود البيت الأبيض، بدأ ترامب وفريقه يأملان في إعادة توجيه الدفة والتركيز على إنجازاته في العام الأول من حكمه، لكن دون جدوى كبيرة، فالآثار السياسية السلبية لا تزال باقية لما قاله الرئيس في اجتماع مع ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من أن دولاً مثل هايتي وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي دول مثل «المرحاض» أو «بالوعات المجاري»، لذلك لا يجب فتح الباب لمهاجرين منها. ورداً على هذه التصريحات، اجتمعت دول الاتحاد الأفريقي وقدمت احتجاجاً رسمياً على «بذاءة» الوصف، لكن الآثار السلبية تتعدى المستوى الرسمي لتجتاح المستوى الشعبي وخارج الدول الأفريقية. في استفتاء أجراه معهد «جالوب» الأسبوع الماضي في 134 دولة حول مدى قبول القيادة الأميركية من العالم، تدهورت نسبة من يقبلون الزعامة الأميركية إلى 30% فقط مقارنة بـ48% أواخر حكم أوباما، وهي أقل نسبة منذ استخدام مؤشر القيادة العالمية هذا قبل عشر سنوات، وتبدو خطورة تدهور السمعة الأميركية عندما ننظر لنتائج هذا الاستفتاء لدى شريكي الولايات المتحدة في منطقة التجارة الحرة، أي كندا والمكسيك، فقد انخفضت الصورة بين الكنديين من 40% إلى 20%، وبين المكسيكيين من 28% إلى 16%، وذلك خلال عام واحد من حكم ترامب. ويؤيد نتائج ذلك الاستفتاء مؤشران آخران: 1- المظاهرات ضد ترامب في المدن الأميركية الكبرى للتنديد بسياساته، من نيويورك وواشنطن إلى لوس أنجلوس، بل امتدت إلى مدن كندية مثل تورنتو ومونتريال، وأوروبية مثل باريس. 2- تتصادف ذكرى تنصيب ترامب مع الشلل وعدم صرف المرتبات في أجهزة الحكومة الفيدرالية، من المتاحف إلى القوات المسلحة، وذلك بسبب إخفاق الرئيس والكونجرس في الموافقة على الميزانية العامة، وهو الإخفاق الرابع خلال ربع قرن والأول منذ عام 2013 إبان رئاسة أوباما الذي قال عنه ترامب يومها: «إن الإخفاق في هذه الحالة مسؤولية الرئيس الذي يجب عليه الوصول إلى اتفاق». الشلل هذه المرة يثبت فشل ترامب وقدرته التفاوضية التي طالما تباهى بها كرجل أعمال. مع هذه الأمثلة على الصورة القاتمة، في الخارج والداخل معاً، التي يمكن بلا شك الإضافة إليها.. نتساءل: ما الإيجابي إذن؟ إنه باختصار الحالة الصحية الجيدة التي تتمتع بها الديمقراطية الأميركية، وقد تجلت عبر مؤشرين يختصران الحقيقة بهذا الشأن: 1- الدور المهم الذي يقوم به الإعلام الأميركي الذي يواصل الرقابة على كل أقوال وسلوكيات الرئيس كي يضعها تحت المجهر، ولم يستطع ترامب تقييد استقلال هذا الإعلام، أو حتى منع كتاب «نار وغضب» من النشر، بل أدت محاولاته في هذا الصدد إلى ترويج الكتاب ليصبح أحد أكثر الكتب مبيعاً. 2- شفافية المؤسسات، كما هو الحال في موضوع الكشف الطبي على ترامب، حيث وقف طبيبه الدكتور روني جاكسون لساعة ونصف ليعلن خصوصيات الرئيس من وزن، وضغط الدم، ونبضات القلب، ومستوى النظر والسمع.. لكي يبرر للشعب الأميركي أنه من الناحية الصحية لا يزال ترامب مؤهلاً للاستمرار في الحكم. بمعنى أن المعلومات الصحية المنشورة عن ترامب تؤكد على مبدأ الشفافية التامة فيما يتصل بالحالة الصحية للرئيس الأميركي، للحكم بشأن قدرته على الاستمرار في الحكم.