الرئيس دونالد ترامب واقع تحت انطباع أنه ألغى فحسب قانون الرعاية الصحية الميسورة، وهو وهم سيتلقى مقابله نقداً كبيراً من خصومه. والحقيقة أن ترامب والكونجرس «الجمهوري» أثروا كثيراً على مستقبل الرعاية الصحية الأميركية. ومع كل خطوة اتخذوها، اقتربوا من الوصول إلى نظام تأمين صحي حكومي شامل. دعنا نبدأ بيوم الثلاثاء الماضي حين كتب ترامب على تويتر تغريدة قال فيها: «بناءً على إلغاء التكليف الفردي غير العادل وغير الشعبي كجزء من قانوننا لتقليص الضرائب والذي يلغي في الأساس (مع مرور الوقت) مشروع أوباماكير، سيلتقي الديمقراطيون والجمهوريون سوياً في نهاية المطاف ليطوروا خطة جديدة عظيمة للرعاية الصحية». لكن من نافلة القول إن إلغاء التكليف الفردي لا يلغي قانون الرعاية الصحية الميسورة، فمازال معظم بنود القانون كما هي. فهل يعتقد الرئيس فعلياً أن «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» سيجتمعون على إقرار خطة للرعاية الصحية؟ لا أحد يعلم. ربما يكون لديه فهم واضح للسياسة الحالية، لكنه يحاول بث الأمل في نفوس الأميركيين بشأن مستقبل التعاون بين الحزبين. وربما يدرك تماماً أنه لم يلغ قانون الرعاية الصحية الميسورة، لكنه يجد فائدة سياسية في ادعاء النصر بعد أن منيت مساعيه للإلغاء بفشل واضح. وكما أشار روبرت بير من صحيفة «نيويورك تايمز» فإن إلغاء التكليف الفردي جعل قانون الرعاية الصحية أقرب إلى خطة تأمين حكومية مما كان عليه في عهد إدارة أوباما. وإجمالا فإن أقساط التأمين ستتزايد بسرعة أكبر وسيصبح عدد أكبر من الناس بغير تأمين. لكن أصحاب الدخول المنخفضة سيحصلون على تأمين مجاني أو منخفض الكلفة من الحكومة. وينتهي بنا الحال إلى نظام مؤلف من فئة تحصل على تغطية من الحكومة ويسعدهم هذا، وفئة ثانية تحصل على تغطية من أصحاب العمل، وهؤلاء تروقهم التغطية ولا تروقهم الكلفة، وفئة ثالثة صغيرة العدد تدفع كامل الكلفة للتغطية الخاصة التي أصبحت غير ميسورة بشكل متزايد، وفئة رابعة من أشخاص غير مؤمن عليهم ويتمنون الالتحاق بخطة حكومية مثل ميديكير أو ميديكآيد. ولو تخيلنا أن الجمهوريين قرروا إدخال بعض التعديلات الطفيفة على قانون الرعاية الصحية ووسعوا فرص التغطية الخاصة بدلا من عزمهم على إلغاء القانون، لانتهى الضغط من أجل الانتقال إلى برنامج حكومي شامل. لكن الجمهوريين فشلوا في القضاء على برنامج الرعاية الصحية الميسورة وألحقوا به ما يكفي من الضرر ليفتحوا ثغرة ينفذ منها الديمقراطيون. ولذا سيقدم كل مرشح رئاسي ديمقراطي في عام 2020 نوعاً ما من الخطط الشاملة التي سيطلق عليها كثيرون منهم «الممول المفرد» رغم أنه لن تكون خطة واحدة منها تنطوي على «ممول مفرد» في الواقع. وانتقلت قاعدة الديمقراطيين إلى اليسار في هذه القضية ولم تعد مستعدة لقبول تعديلات التكنوقراط على النظام القائم. وبفضل الجمهوريين، أصبح الجمهور الأوسع نطاقاً أكثر استعداداً لسماع مقترحات التغطية الشاملة ضمن التأمين الحكومي. وهذا الجدل في عام 2020 سيشبه على الأرجح جدل عام 2008 حين كان لدى المرشحين الأساسيين خطط مشابهة لكنهم اختلفوا على التفاصيل. وفي عام 2020، سيجادل المرشحون ليس بشأن ما إذا كنا بحاجة لرعاية صحية شاملة، بل بشأن منّ تحديدا يحصل عليها؟ وسوف يجأر ترامب والجمهوريون بالشكوى من أن الديمقراطيين يقترحون مخططات اشتراكية تمنح البيروقراطيين سيطرة على الرعاية الصحية، لكن أي قدر من المصداقية كان لدى الناخبين تجاه الجمهوريين في القضية سيكون قد تبدد. ولن يقدم الجمهوريون أي بديل إذ أثبتوا من قبل أنهم غير قادرين على التفكير جدياً بشأن الرعاية الصحية. بول والدمان: كاتب أميركي في صحيفة «ذا أميركان بروكسبيت» الليبرالية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»