انهمكت كارمن باث فيلاس في عملها تتلهى فيه من همها، وعكفت على تنظيف حجر الفندق الذي تعمل فيه. لكن في يوم إجازتها لم تجد بداً من الصراخ عندما علمت أنها مهما اجتهدت في عملها فإن البلد الذي تعتبره وطنها منذ 18 عاما لم يعد يريد أسرتها على أراضيه. ولم يعد بوسع من يتمتعون بـ«وضع الحماية المؤقتة» إلا الصراخ، على حد قولها. وهذا وفقا للنسخة المقيدة من القانون لعام 2018. ففي ظل الإدارة الجديدة لم يعد العمل الجاد أو شراء منزل أو الالتزام بالقانون إو إقامة نشاط اقتصادي أو تشجيع فريق رياضي أو تكوين أسرة.. كافيا ليصبح مواطنا أميركيا. فقد أعلنت وزارة الأمن الوطني نهاية العمل بقانون «وضع الحماية المؤقتة» لنحو 200 ألف مهاجر من السلفادور ممن سيتعين عليهم إيجاد وسيلة لنيل البطاقة الخضراء أو مغادرة الولايات المتحدة قبل 19 سبتمبر 2019. وهذا يعني أن زوج باث فيلاس لن يبقى في البلاد لأنه من السلفادور وهي من هندوراس. وأعلنت الإدارة أيضا قبل شهرين أن 57 ألفا من هندوراس في الولايات المتحدة يتمتعون بوضعية الحماية المؤقتة مثلها سيتعين عليهم أيضا مغادرة البلاد قريبا. وعلى امتداد البلاد ذهب المهاجرون إلى العمل ودفعوا فواتير الخدمات لكنهم يشعرون بالقلق من أن أميركا الجديدة تلك ليست لهم. ويؤكد ليندولفو كاربالو البالغ من العمر 55 عاما الذي فر من السلفادور من حرب أهلية مدمرة قبل 27 عاما أن «هذا مدمر بالنسبة لهم. لكن ماذا عن أميركا؟ البلاد ستتضرر أيضا. هؤلاء الأشخاص يمتلكون منازل ويشغلون وظائف. وساعدوا في بناء هذا البلد». وحاز كاربالو الجنسية الأميركية بسبب اجتهاده في عمله والتزامه بالقانون على مدار أعوام ورعايته الجيدة لأطفاله ولزواجه من أميركية. لكن اليأس يتملك الأشخاص الذين تحدثت إليهم ومن بينهم عمال وأصحاب أنشطة اقتصادية. وما جعل هؤلاء الناس يحصلون على المكانة القانونية عاما بعد آخر هو التزامهم الهدوء والابتعاد عن المشكلات. صحيح أن بعضهم جاء بطريق مشروع في الأجيال الماضية، لكن الهجرة في ذاك الوقت كانت أسهل بكثير. أما اليوم فقد جعل نظام الهجرة المكتظ بالعراقيل التقدم للحصول على حق اللجوء السياسي أو صيغ أخرى من الإقامة الدائمة القانونية، أصعب بكثير. والحصول على الجنسية قد يكون مستحيلا. وتؤكد إيفا بينك، وهي محامية للهجرة في منطقة واشنطن أن الهجرة تستغرق الآن عقدا من الزمن وقد تتكلف آلاف الدولارات. وضربت بينك مثلا بعميلة لديها تقدمت بطلب اللجوء في عام 2014 بينما تجرى المقابلة معها بشأن الطلب هذا الأسبوع. وأثناء هذه السنوات من الانتظار من الممكن أن يُعاد المهاجر إلى بلاده في أي وقت بحسب نزوات مسؤول من الهجرة أو قاض. لكن عادةً، ما لم يرتكب المهاجر جريمة، تحلى المسؤولون بالسخاء حتى انتهاء العملية. لكن بينك تؤكد أن الوضع الآن مختلف. ووسط حشد تجمع في الأيام القليلة الماضية أمام البيت الأبيض، ساد جو من التحدي. وفي وسط الحشد، كانت هناك امرأة تدعى إيفانيا كاستيلو. وبالنسبة لكاستيلو ولعشرات المنحدرين من أميركا اللاتينية ممن تجمعوا خارج البيت الأبيض، فإن أميركا كانت عظيمة لكن قبل صدور النسخة الجديدة من قانون «وضع الحماية المؤقتة». وكانت كاستيلو قد جاءت من السلفادور عام 1980 وكان طريق الحصول على الجنسية معبداً أمامها وحصلت عليها. لكن الآن لم تعد البلاد ترحب بالأشخاص المجتهدين في عملهم مثلها بحسب قولها. وأكدت كاستيلو أنها عادة تؤيد الجمهوريين «لكن ما يفعله هؤلاء الجمهوريين اليوم سيدفعون ثمنه. هناك 27 مليون لاتيني مثلي وسنصوت لتغيير أميركا لنجعلها عظيمة مرة أخرى حتى تتاح لكل شخص مثلي فرصة الحصول على الجنسية من جديد». ويؤكد آبل نونث مدير جماعة «كارسين» الناشطة في الدفاع عن حقوق المنحدرين من أميركا اللاتينية أن المهاجرين «هم من يجعلون أميركا عظيمة». لكن وزارة الأمن القومي أعلنت في بيان أنه «بناء على المراجعة الدقيقة للمعلومات المتاحة، فقد قررت أن الظروف الأصلية الناتجة عن زلزال عام 2001 لم تعد موجودة. وبناءً عليه ووفقاً للتشريع المعمول به فإن مهمة قانون وضع الحماية المؤقتة يتعين إنهاؤها». وهذا دون الالتفات إلى أن السلفادور مازالت من أكثر المناطق دموية. لكن حتى لو تحسنت الأوضاع في السلفادور فهل هذا يعني أنه تجب إعادة المهاجرين إليها؟ ماذا عن الأيرلنديين الذين فروا من بلادهم بسبب مجاعة؟ وماذا عن الألمان والإيطاليين؟ وبراغ؟ لقد أصبحت أماكن رائعة الآن، فهل يجب إجبار التشيك الذين فروا من الشيوعية على العودة إلى بلادهم؟! بيتولا دفوراك صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»