مع مطلع العام الميلادي الجديد، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وذلك وفقاً للاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تعد واحدة من أكثر ضرائب الاستهلاك شيوعاً حول العالم. ومع تبني دولة الإمارات العربية المتحدة نظاماً ضريبياً جديداً تستهدف منه تطبيق رؤية استراتيجية جديدة للإدارة المالية للدولة تهدف إلى تقليص الاعتماد على الإيرادات النفطية، وتوفير إيرادات متنوعة ومستدامة تسمح للدولة بالحفاظ على مكانتها الاقتصادية وتعزز تنافسيتها تحقيقاً لرؤاها الاستراتيجية، تظهر في المرحلة الأولى للتطبيق بعض التحديات الطبيعية، فمن جانب المستهلكين يتجسد التحدي في الاعتياد على وجود سياسة مالية جديدة، ومن جانب الشركات الخاضعة للضريبة، وخاصة الصغيرة والمتناهية الصغر يتجسد التحدي في كونها تحتاج إلى أنظمة وبرامج وإدارة محاسبية تتوافق مع متطلبات النظام الضريبي. وقبل بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حرصت الجهات المعنية كافة على التأكد من جاهزية النظام المالي الكاملة للتعامل مع جميع المعاملات المالية المتعلقة بالضريبة، وتواصل وزارة المالية التزامها بتطوير تقديم الخدمات والارتقاء بجودتها، حيث وفرت الوزارة نظاماً وفريقاً متكاملاً للدعم الفني، مع رقم هاتفي مجاني مخصص للإجابة عن مختلف الاستفسارات المرتبطة بتطبيق الضريبة. وكذلك أنشأت الهيئة الاتحادية للضرائب إدارات مختصة في مراقبة امتثال الشركات والتدقيق عليها، عبر إجراءات ومعايير واضحة تعتمد في جوهرها على نظام الامتثال الذاتي، ووضعت 3 معايير أساسية، وهي السيرة التاريخية للمسجل (ملتزم أم لديه غرامات متكررة)، ومعايير مخاطر يتم تطويرها، بحيث يتم اختيار المسجلين الأكثر خطورة وفق معايير يتم تحديثها دورياً، والمعلومات الواردة من الأطراف الأخرى، التي تشير إلى وجود أنشطة غير مصرح عنها. وأكدت الهيئة أنه يجب على كل الأعمال الحصول على رقم تسجيل ضريبي عبر التسجيل لضريبة القيمة المضافة لمتابعة ممارسة أنشطتها التجارية، لأن الأعمال التي لم تسجل للضريبة ستكون معرضة للغرامات الإدارية. لقد جاء تطبيق دولة الإمارات العربية المتحدة لضريبة القيمة المضافة مواكبةً للتطور الكبير الذي تشهده الدولة وتماشياً مع مسيرتها التنموية الشاملة، وعلى الرغم من تأكيد الخبراء والاقتصاديين أن تطبيق النظام الضريبي له مردود إيجابي على الأداء المالي والاقتصادي للدولة، ما سيسهم في الاستقرار المالي الحكومي وضبط الممارسات الاستهلاكية، إلى جانب تدوير حصيلة الأموال المجمعة منها في تأسيس مشاريع تنموية جديدة، فإنه مع بدء التطبيق ظهرت بعض المشكلات التي تتطلب ضرورة تفعيل آليات رقابة عالية للتأكد من تطبيق الضريبة بشكل صحيح، والتعامل مع شكاوى المستهلكين بالطريقة المثلى، وفي هذا الإطار، تلقت دائرة التنمية الاقتصادية-أبوظبي، عدداً من الشكاوى بشأن تطبيق الضريبة من محلات بقالة ومتاجر صغيرة تحصل قيمة الضريبة في ظل عدم توافر فاتورة ضريبية، وكذلك استغلال التجار ورفع الأسعار بشكل غير مبرر. كما أثارت أسعار بطاقات شحن جديدة أصدرتها شركة الإمارات للاتصالات «اتصالات» مؤخراً، تحفُّظ مشتركي الدفع المسبق، ورداً على ذلك دعت «اتصالات» عملاءها في نظام الدفع المسبق، إلى عدم دفع أي مبالغ أو رسوم إضافية على أسعار بطاقات إعادة شحن الرصيد في أيٍ من متاجر بيع التجزئة للبطاقات. وتباشر الجهات المختصة على الفور التحقيق في مختلف الشكاوى من خلال فرق التفتيش الميداني للتأكد من رصد التجاوز وتحرير المخالفات المعتمدة وتطبيق الغرامات المنصوص عليها. إن ظهور هذه النوعية من المشكلات مع بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة يتطلب مزيداً من الجهد من قبل الجهات المعنية، مع ضرورة تفعيل آليات رقابية على مستوى عالٍ للتأكد من الالتزام بتطبيق النسبة المقررة من ضريبة القيمة المضافة من دون أي زيادات أو تلاعب في الأسعار، مع التأكد من امتثال المؤسسات والشركات الخاضعة للضريبة من دون أي تهرب أو تأخر في التسجيل، مع تشديد الإجراءات ومحاربة الممارسات التي من شأنها الإضرار بالنظام الضريبي أو اقتصاد الدولة، وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من تطبيق الدولة للنظام الضريبي وترسيخ شعور الاطمئنان لدى المستهلكين. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية