تحولت احتجاجات الشارع في روسيا خلال العام الماضي إلى حركة شبابية. لكن الوجود المتزايد لنشطاء الجامعة، وحتى طلاب المدارس الثانوية، يبدو أنه يواجه اعتقاداً بأن جيل الشباب يعتبر على نطاق واسع غير سياسي وذو نزعة استهلاكية. وفي ضوء هذا التناقض الواضح، وقبل الانتخابات الرئاسية في الربيع القادم، سعت صحيفة «كورمسانت» إلى فهم شباب اليوم بشكل أفضل، ومحاولة التنبؤ بما إذا كانوا سيدعمون حملة الرئيس فلاديمير بوتين لولاية رابعة. وعهدت «كورمسانت» إلى «مؤسسة الرأي العام» للقيام بدراسة تشمل الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 في استطلاعها الأسبوعي للأفضليات الانتخابية، وتبين أن النتيجة مشابهة لاستطلاعات الرأي التي شملت جميع السكان. وفي نوفمبر، أظهر المسح الوطني أن 68% من السكان يؤيدون بوتين، مقارنة بـ66% من الشباب. وعموماً فإن شعبية بوتين بين الشباب تؤكدها نتائج الدراسة الاستقصائية التي أجرتها المدرسة العليا للاقتصاد، إذ أظهرت أن 47% فقط من 6000 طالب من 109 جامعات على استعداد للتصويت لبوتين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويأتي المرشح «أليكسي نافالني» في المرتبة الثانية بنسبة 7% فقط من الأصوات المحتملة، في حين أن 12% ممن شملهم الاستطلاع لا يعتزمون التصويت، بينما لم يقرر 15% ما إذا كانوا سيصوتون أم لا. ووفقاً لـ«فاليريا كاسامارا»، الباحثة بالمدرسة العليا للاقتصاد، فإن قطاعاً كبيراً من الشباب يتعاطفون مع بوتين «لأنه الرئيس الذي يتولى السلطة لأطول فترة يتذكرونها». وعلى النقيض من ذلك، فإن نافالي ينظر إليه كتهديد للاستقرار، كما يواجه انتقادات من الناخبين خارج العاصمة. أما بالنسبة للاتجاهات حيال احتجاجات الشارع فهي متشككة إلى حد ما، حيث ذكر 72% أن مثل هذه المظاهرات المناهضة للحكومة ليست وسيلة فعالة للتأثير على السلطات، رغم أن 34% ممن شملهم الاستطلاع يعتبرون أن الاحتجاجات الجماعية ممكنة، وقال 14% إنهم مستعدون للنزول إلى الشارع. وفي حين لا يزال بوتين «بطلا قومياً» بالنسبة للكثيرين، فإن أعضاء مجلس الدوما يعتبرون الأقل استحقاقاً للثقة وفقاً لـ66% من المشاركين في الاستطلاع، يليهم النواب المحليون ورؤساء البلديات والمحافظون (61%). أما الصحفيون ومقدمو البرامج فيأتون في المرتبة الثالثة، حيث يعتبرهم 56% من المشاركين في الاستطلاع غير موثوق بهم. والغريب أن التلفزيون يحتفظ بمستوى عال نسبياً من الثقة كمصدر للمعلومات، حيث بلغت نسبة الثقة فيه بين الطلاب 42%. ويعتبر الروس من الفئة العمرية بين 18 و25 أول جيل لم يعش في الاتحاد السوفييتي. وبعد مرور مائة عام من ثورة أكتوبر، لاحظ علماء الاجتماع أن العديد من الطلاب لديهم صورة غامضة عن التاريخ السوفييتي، رغم أنه لديهم معرفة أوضح لعدد قليل من الشخصيات الفردية، مثل فلاديمير لينين وجوزيف ستالين. ويرتبط هذا الأخير بالطغيان، والانتصار في الحرب العالمية الثانية و«الإدارة الفعالة»، كما جاء في العديد من كتب التاريخ. ولا يزال لينين «ثورياً عظيماً» في أعين شباب اليوم. تقول «كاليريا» (23 عاماً): «أشعر أنني قريبة من الاتحاد السوفييتي، وإن كان من الصعب تفسير السبب. وبصورة أو بأخرى، أحب كل شيء يتعلق به صور وأزياء وأغاني هذه الفترة. فهذا العصر ينظر إليه باعتباره شيئاً متأصلا حتى في جيلنا». وتقول «ألكسندرا» (فتاة روسية أخرى)، إنها تعرف الاتحاد السوفييتي من خلال حكايات جدتها وحصص التاريخ، وهي تربطه بـ«الديون» و«العمل الشاق في المصانع» و«الغزو الفضائي» و«الحرب» و«الانتظار في الطابور» و«أفضل نظام تعليمي في العالم». ومع تخليهم عن الماضي السوفييتي، لا يبدو أن الشباب الروسي لديه فكرة واضحة عما يمكن أن تكون عليه الأيديولوجية الوطنية الموحدة للبلاد. كما أن مفهوم القيم التقليدية للطلاب غامض. ماريا باشماكروفا: صحفية روسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»