تحتفل الإمارات اليوم الاثنين باليوم العالمي اللغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي صدر فيه عام 1973، قرار إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وذلك من خلال مجموعة من الفعاليات المختلفة التي تستهدف تعزيز اللغة العربية، من خلال التشجيع على استخدامها في التعاملات المختلفة، وتأكيد الاعتزاز بها باعتبارها الوعاء الجامع الذي يعزز الهوية الوطنية للدولة ويحافظ على خصوصيتها الثقافية والمجتمعية، وبهذه المناسبة تنظم مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة فعاليات مبادرة «بالعربي» على مدى أسبوع كامل، والتي تستهدف التشجيع على استخدام اللغة العربية فقط في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، من «تويتر وفيس بوك وإنستجرام» طول اليوم العالمي للغة العربية. إن اهتمام الإمارات بالحفاظ على اللغة العربية لا يرجع إلى كونها اللغة الوطنية ورمز هويتها الثقافية والحضارية والمجتمعية فقط، وإنما يعود إلى مواجهة التأثيرات الثقافية الوافدة التي باتت تؤثر بصورة أو بأخرى في اللغة العربية أيضاً، سواء لجهة تراجع استخدامها في التعاملات اليومية في ظل وجود العديد من الجنسيات الأجنبية التي لا تتقن اللغة العربية، أو لجهة تهميشها في المدارس الأجنبية ما يمثل بدوره خطراً على الهوية والانتماء الوطني للأجيال الجديدة من النشء والشباب، وخاصة أن هذه النوعية من المدارس الأجنبية والدولية التي تتكاثر بصورة مطردة، وتلقى إقبالاً كبيراً من المواطنين، تركز بالأساس على تعليم اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية الأم. في الوقت ذاته، فإن وجود ما يزيد على مئتي جنسية تعمل وتعيش داخل الدولة، يؤثر بشكل أو بآخر في اللغة والهوية العربية، وخاصة أن بعض هذه الجنسيات تحاول في تعاملاتها اليومية المزج بين لغتها الأم واللغة العربية فتنتج لغة هجينة تشوه معها اللغة العربية، وهذا لا شك يضاعف من أهمية الجهود التي تستهدف الحفاظ على اللغة والهوية العربية الأصيلة. لقد وضعت «رؤية الإمارات 2021» في مقدمة أولوياتها العمل على جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية، وبالفعل فقد تبنت الإمارات خلال السنوات الماضية العديد من المبادرات المهمة التي تستهدف الحفاظ على اللغة العربية، والنهوض بها، على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، وترسيخ مكانتها ليس في المجتمع الإماراتي فقط وإنما على الصعيدين العربي والدولي أيضاً، ولعل من المبادرات المهمة في هذا الشأن، قرار مجلس الوزراء الخاص باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع المؤسسات والهيئات الاتحادية في إمارات الدولة كافة، ومبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2012 بإطلاق «ميثاق اللغة العربية»، الذي يهدف إلى تعزيز وضع اللغة العربية، والتركيز على مكانتها في المجتمع، وليكون هذا الميثاق مرجعاً لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحماية اللغة العربية، وتعزيز استخدامها في الحياة العامة. كما تبنت الدولة العديد من المبادرات التي تستهدف النهوض باللغة العربية، والارتقاء بمكانتها بين اللغات العالمية، باعتبارها من اللغات الحية والقادرة على التطور، كتأسيس معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين عن طريق جامعة زايد، يتم التعاون فيه مع الجامعات المتخصصة حول العالم لإيفاد الطلاب والبعثات لتعلم اللغة العربية في الإمارات، وإنشاء كلية للترجمة، ضمن مظلة كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأميركية بدبي، بهدف تخريج المترجمين الذين تتزايد الحاجة إليهم، خصوصاً مع السياسات والقوانين التي تعزز اللغة العربية في المجتمع، وإطلاق جائزة محمد بن راشد للغة العربية في عام 2004، التي تُقدَّم لكل من له إسهامات في رفعة اللغة العربية في العالم، وتحفز المؤسسات والحكومات على تبني المبادرات المهمة لإعادة اللغة إلى مكانها الطبيعي، وإطلاق معجم محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة في عام 2015، بهدف تعزيز مكانة اللغة العربية كلغة حياة، وتصحيح العلاقة بين اللغة الأم واللهجات العامية في الدول العربية، ومبادرة «تحدي القراءة العربي» التي تستهدف تشجيع طلاب المدارس في الدول العربية على القراءة، ما يسهم في بناء أجيال أكثر اعتزازاً بلغتها وهويتها العربية. ولا شك في أن هذه المبادرات تستهدف في مجملها ليس العمل على إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة فقط، وإنما تقديم نموذج عصري لتعليمها أيضاً، بما يعود بالفائدة على دولة الإمارات العربية المتحدة والدول العربية كافة. ـ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.