في أوخر الشهر المنصرم نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي الثامن للتعليم تحت عنوان «التعليم والتربية الأخلاقية»، وقد سعدت بالمشاركة في هذا المؤتمر، وتعلمت الشيء الكثير عن توجهات وزارة التربية والتعليم فيما يرتبط بمنهاج التربية الأخلاقية الذي جاء استجابة لأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله ورعاه، ذي النظرة الثاقبة الذي يعرف من خلالها مرامي قول العربي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وهذا ما أكد عليه سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر التي اقتبسُ منها «إن المؤتمر يسلط الضوء على المبادرة الرائدة، لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حول موقع الأخلاق في المنظومة التعليمية. وإدراكاً من قيادتنا الرشيدة لدور القيم والأخلاق في النهوض بالأمم، تأتي هذه المبادرة بهدف تعميق القيم الأخلاقية في ترسيخ الهوية الوطنية كما تعزز التربية الأخلاقية القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة». وتلخيصاً لمنهاج التربية الأخلاقية قالت سعادة الشيخة خلود القاسمي، وكيل مساعد لقطاع الرقابة في وزارة التربية «تمثل الأخلاق بمفهومها الشمولي القيم السامية المستمدة من ثقافتنا العربية وتراث أجدادنا ومعالم هويتنا الإماراتية المميزة، التي ترسخت عبر الموروث الشعبي الذي احتفى بمكارم الأخلاق وحث عليها». وقد تطرق الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، مستشار في ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، مدير جامعة محمد الخامس في أبوظبي الى نقطة تفرد بها بحثه، وهي في تصوري لُب مباحث الأخلاق إنها تزكية الروح فقال «يتفاوت الناس في نزوعهم إلى الأخلاق الفاضلة وفي تعلقهم بها، ومن هنا كانت الحاجة إلى التربية الأخلاقية عظيمة جداً؛ لأنها عملية بناء باطن الإنسان وروحه ونفسه». ثم استعرض المؤتمر تجارب بعض الدول في مناهج التربية الأخلاقية من الصين واليابان وفنلندا. وألخص هذه التجارب في أنها تُجمع على أهمية التربية الأخلاقية لكنها تُدرّس بطرائق مختلفة، فبعض الدول ترى تخصيص مقرر متفرد لهذه المادة، ودوّل أخرى ملخص تجاربها أن التربية الأخلاقية لا ينبغي أن تُحصر في مقرر واحد، بل إن منهاج التربية الأخلاقية يُدرس خلال كافة المناهج المقدمة في المدرسة، كي لا يتعرض التلميذ لفجوة فيما يرتبط بالأخلاق عند انتقاله من مادة إلى أخرى. وبعد عرض كافة أوراق العمل في المؤتمر شاركت في جلسة حوارية ليست لجلد الذات، لكن لتطوير منهاج التربية الأخلاقية في دولة الإمارات، وقد شكر الباحثون جهود وزارة التربية في هذا المجال وأكدوا على أهمية منهاج التربية الأخلاقية.. وخلال هذه الجلسة عبرت عن وجهة نظري في أهمية التمييز بين مناهج المهارات الحياتية التي تعد الإنسان للنجاح في حياته المهنية والخاصة ومناهج التربية الأخلاقية، فمن وجهة نظري أن التربية الأخلاقية تركز في جوهرها على السمات الخلقية، التي يود المجتمع أن يراها في جيل المستقبل، الذي يتهمه بعضهم بالانفلات الأخلاقي والتحرر القيمي حتى بات ضائع الهوية صريع العولمة. وإنْ كان الأمر كذلك، فينبغي التركيز على أخلاق أهل الإمارات، وما يميزهم من صفات توارثوها عبر الأجيال، مما جعلهم قادرين على التعايش السلمي مع غيرهم، لكنهم محتفظون بقيمهم وأخلاقهم الخاصة بهم. واختتم مقالي بقطوف من كلمة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح الذي عرج في كلمته على الموروث الأخلاقي لأهل الإمارات وجذوره وأهميته بقوله «إنه دون الالتزام الكامل بتعاليم الدين الحنيف ودون هذه القيم والمبادئ التي نشأنا عليها، لا يكون هناك اعتزاز بالوطن أو حرص على العمل والإنجاز أو احترام الإنسان لنفسه أو حتى احترامه لغيره».