من أهم التحديات التي تواجه الكويت هو كيف يمكن تحقيق الإصلاحات المالية بعد انخفاض أسعار النفط في ظل مطالب شعبوية يمثلها أعضاء مجلس الأمة الكويتي. الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي تأخرت في فرض زيادة أسعار الكهرباء والماء، وفرض زيادة الرسوم والضرائب ورفع أسعار الخدمات التي تقدمها الدولة وغيرها. ويعود السبب الرئيسي إلى عجز الحكومة حتى الآن في إقناع أعضاء مجلس الأمة بأن الإصلاحات الاقتصادية مهمة بعد انخفاض أسعار النفط، وبدء العجوزات المالية التي وصلت الآن إلى نحو 20 مليار دولار «6 مليارات دينار». الحكومة الجديدة التي أدت القسم أمام سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يوم الثلاثاء الماضي، وباشرت أعمالها تواجه أزمة حقيقية مع نواب مجلس الأمة الكويتي. بعض نواب مجلس الأمة، ومنهم النائب ماجد المطيري، صرح بأن التعاون الحكومي - النيابي يحقق الاستقرار ويدفع بعجلة التنمية، مشيراً بأن هنالك أولويات أمام الحكومة عليها أن تنجزها، وأبرزها القوانين ذات البعد الشعبي المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمة، ومنها القوانين الشعبية، زيادة رواتب المتقاعدين وفوائد قروض التأمينات الاجتماعية، وأسعار الكهرباء، والماء، والبنزين، ومكافأة العسكريين، وضباط الصف الذي تم رده من قبل الحكومة في دور الانعقاد الماضي. واضح جداً بأن مطالب النواب بعيدة كل البعد عن مطالب الحكومة بالإصلاح الاقتصادي - يعلم النواب بأن الوضع الاقتصادي للدولة لا يسمح لها بالاستمرار في سياسات الدعم الحكومي إلى الأبد، فالمواطنون اليوم مطالبون بالمساهمة في تعزيز أوضاع بلدهم المالية، والتي منها وقف الهدر المالي على السياسات السابقة في استمرار الدعم الحكومي لكل الخدمات والمطالبة في مشاركة المواطنين في دفع الرسوم والضرائب وتخفيف استهلاك الطاقة وغيرها. لماذا يحرص النواب على الاستمرار في طرح القضايا الشعبوية المكلفة؟ الجواب واضح، وهو أن النواب يحاولون دغدغة مشاعر المواطنين في رفض أي زيادات مالية على الخدمات أو غيرها ... والسبب يعود إلى رغبة النواب في إرضاء أكبر عدد من المواطنين حتى يعاد انتخابهم على حساب مصالح الوطن. هذا الصراع بين النواب الشعبويين والحكومة سيؤدي حتماً إلى عدم الثقة بالنواب وتقويض التجربة الديمقراطية الوليدة في الكويت .. هنالك فهم خاطئ لدى النواب والمواطنين بأن الديمقراطية يعني إرضاء المواطنين دائماً على حساب مصلحة الوطن. المواطن الكويتي الذي تعود على سياسة الدولة الريعية النفطية في السابق عليه اليوم أن يشارك فعلياً في دفع الرسوم والضرائب ورفع أسعار الخدمات حتى يحسن أوضاع بلده .. كل دول العالم الديمقراطية يدفع المواطنون الرسوم والضرائب في مقابل مشاركتهم في صنع القرار .. علينا أن نفهم أن الدولة الريعية النفطية قد اختفت وأن الأوان بأن يساهم المواطن الكويتي في تنمية بلده حتى يتسنى له محاسبة الحكومة.